أتابع تصريحات المسؤولين الأمريكيين بشأن ما يحصل في فلسطين وما يتعرض له الأبرياء هناك، فأستغرب لماذا يريد الرئيس بايدن وموظفوه أن يثبتوا لنا بكل وضوح أنهم يؤيدون قتل الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ في فلسطين، بل لن يترددوا في دعم إسرائيل وقواتها في ما تقوم به من عملية تهجير واستهداف وتدمير لكل شيء.

وهنا للتوضيح، ليس الاستغراب بشأن الموقف الأمريكي، لأن الموقف معروف تماماً ومنذ عقود طويلة جداً جداً، وهو لا يتغير حتى بتغير الحزب الحاكم في الولايات المتحدة ما بين ديمقراطيين وجمهوريين، إذ إسرائيل هي الثابت الذي لا يختلفون عليه، لكن الاستغراب بشأن الأسلوب المستفز والذي كأنه مقصود بحق العرب والمسلمين.

في وقت يتحدثون فيه عن سلام وضرورة حماية المدنيين وتعزيز الأمن والسلام، هم يتحدثون بلهجة داعمة وبقوة لما تفعله إسرائيل عبر جيشها، بل يعلنون بصراحة عن إرسال قوات إسناد ومد للذخائر ودعم غير محدود، بل إن مسؤوليهم يطيرون للدول حتى يمارسوا أسلوب الدعم الموجه لإسرائيل من الجانب الدبلوماسي. وعليه فالسؤال هنا: من هو الذي يقتل الفلسطينيين الأبرياء العزل؟!

في المشاهد التي نراها عبر وسائل الإعلام، وفي المعاناة التي يمر بها أبرياء مدنيون عزل منهم أطفال ونساء وشيوخ، كثير منهم ليس قيادياً في حركات تقاوم إسرائيل أو تضطلع في عمليات عسكرية ضدها، كثير منهم أبرياء يريدون أن يعيشوا بأمان في أرضهم، كيف يتوقع الأمريكان وحتى إسرائيل التي يستميت إعلامها في جانب لبيان أنها ضحية لاعتداءات مسلحة، وفي جانب آخر يظهر إعلامها كيف أنها ستمسح فلسطين وأهلها وتسويهم بالأرض، وتطلب منهم مغادرة بيوتهم لأنها ستمحو غزة من على وجه الأرض، كيف تتوقعون أن يقف العرب والمسلمون ينظرون فقط دون رد فعل، أو أن تكون مواقفهم مؤيدة لكم؟!

هذا شعب عربي مسلم يقتل ويتعرض للإبادة ويتم حصاره، وتريدون للعالم أن يسكت دون أن ينبس بحرف؟! بل وأن يقبل بتبريرات لما يحصل، وأن كل هذا العنف، كل رد الفعل القوي هذا، هدفه «نبيل» يتمثل في محو حركة حماس من على وجه الأرض! الشعب الأعزل هو الذي يعاني ويُمحى في المقابل، ونحن العرب الذين نراقب معاناة إخوتنا ننتظر الإنصاف والعدالة والحماية لهم، وتهرع دولنا وأنظمتنا لإرسال المساعدات الإغاثية، وتهب شعوبنا لنصرة أشقائها بما تقدر عليه، بينما الأمريكان يحمون من يواصل في عنفه وتدميره بل ويساعدونه بكل عين قوية!

تصريحات عديدة ممتدة لحقب زمنية متباينة للرئيس بايدن وحده، تكشف لك أن من يظنه البعض قادرا على وقف ما يحصل من عنف ووحشية إسرائيلية، وأعني هنا أمريكا، ما هو إلا طرف سيعتبر ما يفعله النظام الإسرائيلي حقاً وعدالة، بينما لو فعلت أي دولة أخرى نفس الفعل لقامت القيامة وتحولت إلى منتهكة لحقوق الإنسان ومعذبة للبشر، ويجب أن يتدخل كل العالم في شؤونها.

طوال هذه العقود، لم يكن لإسرائيل أن تتمادى وتقتل الأبرياء بهذه الصورة وتستهدفهم في وطنهم وأمنهم وبيوتهم لولا ضمانها للدعم الأمريكي المطلق. فقبل مطالبة العرب والمسلمين بإدانة الإرهاب والعنف، أثبتوا أولاً أنكم تحترمون حق الإنسان العربي ولا تبيحون دمه برخص هكذا مثلما تفعله إسرائيل.