عندما انتقلت من إحدى المدارس الخاصة إلى مدرسة حكومية في المرحلة الثانوية كنت متقدماً بعض الشيء في اللغة الإنجليزية على نظرائي مع وجود عدد من الأصدقاء الضليعين باللغة الإنجليزية كونهم من منتسبي المعهد البريطاني، أو أنهم كانوا في مدارس خاصة تعتمد المناهج الإنجليزية، فلم تشكل لنا تلك المواد خلال المرحلة الثانوية أية إشكالية، في المقابل كان بقية الزملاء المتدرجين من المدارس الحكومية خلال المراحل الدراسية يواجهون الكثير من الصعوبات في مقررات اللغة الإنجليزية، لدرجة أن بعضهم كان يتمنى أن يحتوي الاختبار على أسئلة صح وخطأ كي يتمكن من تجاوز الاختبار.
أحسست بشعورهم فعلاً عندما أخذتني الدنيا إلى مدينة كاردف الويلزية في بريطانيا، لم تكن تلك اللغة التي أملكها كافية لأتمكن من مجاراة المقررات بسهولة، وحتى اجتيازي لاختبارات التوفل والآيتلس كانت بعد أن خضعت لفصل تمهيدي كامل يحتوي على مواد مشتركة تمهد عملية الدخول في السنة الجامعية الأولى، وهذا الفصل لم أكن لأحتاجه لو أنني كنت حاملاً لشهادة "الآيلتس" "التوفل" ومتقناً للمواد الأخرى باللغة الإنجليزية، ولكن هذا ما جرى، وفعلاً أحسست بشعور زملاء المدرسة لمّا قارنت نفسي بأصدقاء تعرفت عليهم في الحرم الجامعي وكانوا من خريجي مدارس خاصة معروفة بالمناهج البريطانية والأمريكية، وكانوا لا يجدون أية مشاكل مع تعاملهم مع المواد وطريقة حلّ التكليفات والاختبارات، وكان هذا البون الشاسع جلياً لكل طالب اضطر يوماً لأخذ "الفاونديشن كورس".
قرأت قبل مدة عن قيام وزارة التربية بتطبيق اختبارات تجريبية لامتحان قياس مهارات اللغة الإنجليزية "IELTS" دون خضوع الطلبة في المرحلة الأخيرة من الثانوية لأي تحضير، وأتت النتائج أفضل من المتوقع بحيث أن المعدل العام بحاجة إلى زيادة بمعدل نقطتين ونصف فقط، وهذا يدل على أن أي عملية تحضير لهؤلاء الطلبة ستنعكس حتماً على درجات الطلبة، وفعلاً هذا ما جرى، حيث تم تدريب الطلبة ذاتهم خلال فترة قصيرة على الاختبار وتم تقديمه مرة أخرى لتصعد النتائج بدرجة مقبولة.
وفي تطبيق ممتاز لإعداد طلبة المرحلة الثانوية للحياة الجامعية، أعلن وزير التربية والتعليم د.محمد بن مبارك جمعة عن خطة لتدريب المعلمين على المحتوى الخاص بالاختبارين IELTS وTOEFL، إضافة إلى عقد الاختبارات التدريبية للطلبة بشكل إلكتروني وذلك لقياس مستوى الطلبة ومهاراتهم في اللغة الإنجليزية، والقيام بالاختبار والتدريبات على نهاية الفصلين، وذلك بخوض الطلبة تدريباً على أقسام الاختبارين والمهارات المطلوبة لاجتيازهما طول الفصل الدراسي، بحيث أن تكون مواد اللغة الإنجليزية عملية ومفيدة لحياة ما بعد الثانوية.
وبكل أمانة، إن عملية تطبيق المناهج بهذه الطريقة ستسهل استيفاء متطلبات القبول في الكثير من الجامعات وخاصة لمن يريد الدراسة خارج البحرين، كما تساعد هذه الاختبارات على الإعفاء من البرامج التمهيدية، وتوفير سنة دراسية من عمر الطالب.
إن عملية تطوير المناهج الأكاديمية بما يتناسب مع المناهج الجامعية الأكاديمية وسوق العمل ليست حصراً بكل تأكيد على اختبارات اللغة الإنجليزية، ولذلك ستكون الوزارة أمام تحدٍ كبير لإحداث هذه النقلة النوعية على المناهج كما تفعل حالياً في مقررات اللغة الإنجليزية، لتشمل الرياضيات وبقية المواد العلمية، ومنها سنحصل على جيل مؤهل للحياة الجامعية بشكل أكبر.