في إحدى الدورات التدريبية لعدد من منتسبي القطاع الأمني في مجال الظهور الإعلامي سألت أحد القيادات العسكرية عن ضمانات حماية رجال الأمن في حالة استهدافهم من قبل العدو، فأجابني بأن «لكل دولة رجال».. أعدت تكرار السؤال بصيغ مختلفة لكي أحاول الحصول على إجابة بتفصيل أكبر، لكنه ظل ثابتاً على موقفه بأن «لكل دولة رجال» هم سورها وحصنها المنيع، يفتدون أوطانهم بأرواحهم وأننا -جميعنا- منتسبي القطاع الأمني، نتمنى الشهادة في سبيل الوطن.

أيد جميع الحضور كلامه وإجابته، وتحدثوا بحماسة مطلقة عن أنهم على تمام اليقين بأنهم وأرواحهم فداء لتراب الوطن، وبأن حلم كل عسكري أن ينال الشهادة في سبيل الدفاع عن وطنه.

وما هي إلا سويعات بعد انتهاء اليوم الأول التدريبي، إلا وبلغني خبر استشهاد وإصابة عدد من جنودنا البواسل المرابطين في الحد الجنوبي. على الرغم من الهدنة إلا أن العدو الجبان لم يلتزم بوعده وهذا ليس بمُستنكر على جماعات متناثرة يجمعها الفكر الإرهابي المتطرّف، فتذكرت إجابة هذا المتدرّب الأمني عندما وصف العسكريين بأنهم «رجال الوطن».

رأيي المتواضع

في نفس هذا التوقيت قبل 8 سنوات تقريباً، استُشهد أخي في الحد الجنوبي، مازالت الذاكرة تأخذني إلى تلك اللحظات الصعبة التي مرت علينا.. لحظات عصيبة مرت على والده رحمه الله وعلى زوجته وعلى ابنه ذي العشرة أشهر آنذاك.. والذي كتب له القدر أن يكون يتيماً قبل أن تثبت ملامح والده الشهيد في ذاكرته. شعور الفقد شعور مؤلم لا يعادله شعور.. ولكن شعور فقد الشهيد مختلف فالحزن فيه يمتزج مع الفخر.. فالموت في سبيل الوطن «واجب» وبالفعل إن لكل دولة رجالاً يفتدونها بأرواحهم.

نفس السيناريو تكرر خلال الأسبوع الماضي حيث فقدت البحرين شهداء روّت دماؤهم الطاهرة الحد الجنوبي لشقيقتنا المملكة العربية السعودية ضمن مشاركة مملكة البحرين في قوات التحالف الخليجي، وعلى الرغم من الحزن الذي سكن قلوبنا جميعاً إلا أننا فخورون بشهدائنا لإيماننا بأنهم كانوا «رجال الوطن» وهم الجنود البواسل الذين ضحوا بأرواحهم من أجل خليجنا العربي.

فإلى كل أم وأب وأخ وابن وزوجة لشهيد أقول «افتخروا بشهدائكم حتى وإن اعتصر الألم قلوبكم، فلقد ذهبت أرواحهم في سبيل الوطن، فشهداؤنا هم رجال الوطن وهم سوره المنيع».