النظام الإيراني يصر على المضي قدماً في سفاهته، ومحاولته إحراج كل من يسعى للسلام والتقريب بينه وبين دول جواره، ففي الأمس القريب أساء هذا النظام إلى مملكة البحرين، عندما تطرق إلى ما أسماه أوضاع السجناء فيها، وأقدم على ذلك وهو في عز محاولته التصالح مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وهنا نتساءل، لماذا أساء النظام الإيراني لمملكة البحرين في هذا التوقيت بالذات؟ وأعني في أوج مصالحته مع دول مجلس التعاون الخليجي، وتبادله معها المذكرات والاتفاقيات وكل ما يتعلق بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
في اعتقادي أن النظام الإيراني لم يحترم دول الجوار، التي تربطها بالبحرين علاقات أخوية عميقة وتاريخية ووطيدة، وأيضاً لم يحترم النظام الإيراني حليفه الرئيس وهو الصين، التي هي الأخرى حليفة للبحرين ودول مجلس التعاون الخليجي ودول المنطقة بشكل عام.
وبغض النظر عن كل ما قيل سلفاً، إلا أن اختيار النظام الإيراني ما أسماه بأوضاع السجناء في مملكة البحرين موضوعاً اتكأ عليه للإساءة إلى بلادنا، هو ما يمكن أن نسميه «المضحك المبكي»، لأن هذا النظام يمتلك أسوأ سجل في المنطقة وربما في العالم في تعامله مع السجناء، خاصة معتقلي الرأي والشواهد على ذلك كثيرة، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر: تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الذي نُشر الشهر الماضي، وأشار إلى اعتقال النظام لما لا يقل عن 20 ألف شخص خلال الانتفاضة الشعبية المستمرة في إيران، وأيضاً تقرير منظمة العفو الدولية الذي أشار إلى أن النظام الإيراني أعدم خلال العام الجاري 576 سجيناً، بزيادة قدرها 75% عن العام الماضي.
وكذلك مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة، الحكومة الإيرانية، وقف عمليات الإعدام والإفراج عن السجناء السياسيين وسجناء الرأي، ونشطاء حقوق الإنسان، والمحامين، والصحافيين، ولا يمكن نسيان المجزرة الأكبر في تاريخ هذا النظام، وهي إعدامه لقرابة 30 ألف سجين في العام 1988، والمتورط فيها الرئيس الحالي لإيران.
هذا غيض من فيض، وإذا أراد النظام الإيراني إقناع الآخرين بادعاءاته، فعليه اختيار مواضيع تصدقها العقول، حتى يجد من يقف بجانبه ويتبنى آراءه، ويدافع عن وجهات نظره، وبالتأكيد ليس حقوق السجناء أحدها، فهذا موضوع ميت في مهده، ولا يصدقه حتى حلفاء إيران المقربين.