توظف السعودية حالياً إيرادات النفط لبناء اقتصاد جديد قادر على الصمود بل والنمو في مرحلة ما بعد النفط والتي قد تكون قريبة أكثر مما نتوقع ونأمل. ويقود عملية البناء صندوق الاستثمارات العامة السعودي والذي لا يسعى فقط إلى تنمية رأس ماله بل تقع على عاتقه مسؤولية التخطيط الاستراتيجي لمستقبل الاقتصاد السعودي.

ويقف الصندوق وراء جملة من الاستثمارات الداخلية التي تتماشى مع رؤية السعودية 2030 التي تسعى إلى رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي السعودي من ٤٠٪ حالياً إلى 65٪ مع نهاية هذا العقد. وبناء عليه قام الصندوق بتأسيس 87 شركة منذ العام 2017 والتي وفرت أكثر من نصف مليون فرصة عمل بشكل مباشر وغير مباشر. ليس ذلك فحسب بل يقوم الصندوق بدعم المنتج المحلي ويحث الشركات على الاستعانة به وخفض الاستيراد من الخارج من خلال تطبيق (سياسة المنتج المحلي) والتي تهدف إلى تحقيق زيادة في شراء المنتج المحلي بنسبة 60٪ مع نهاية العام 2025 في جميع شركاته.

وعلى الصعيد الخارجي تشير سلة استثمارات الصندوق إلى استثمارات بعيدة عن صناعة النفط مثل الاستثمار الذي وصل إلى قرابة 9 مليارات دولار في شركة Lucid الأمريكية التي تنتج السيارات الكهربائية والتي ستبني قريباً مصنعاً لسياراتها في السعودية. وكذلك الاستثمار في قطاع ألعاب الفيديو بمبالغ وصلت إلى 38 مليار دولار من خلال تملك أسهم في شركات ضخمة في المجال مثل Electronic Arts صاحبة حقوق لعبة الفيديو FIFA الشهيرة.

وقد أسس الصندوق في شهر أغسطس الفائت شركة استثمار في الرياضة SRJ Sports Investments وتهدف إلى الاستحواذ على حقوق الفعاليات الرياضية العالمية وتطويرها وتنظيمها في السعودية. كما قام سابقاً في الاستثمار في رياضات مختلفة منها الجولف والمصارعة الحرة ورياضة السيارات السريعة (فورمولا 1) وبالطبع كرة القدم من خلال شراء حصة الأغلبية في نادي نيوكاسل الإنجليزي.

ومن الواضح أن الحركة الاستثمارية الدؤوبة للصندوق تلفت الأنظار فنلحظ أخبار السعودية يتم تداولها عالمياً بنبرة إيجابية. فيقول صندوق النقد الدولي في نشرة له صدرت في 7 يونيو 2023 «الاقتصاد السعودي يزدهر بسبب ارتفاع أسعار النفط والاستثمار الخاص وتطبيق سياسات الإصلاح» ويواصل «التطبيق المثير للإعجاب لبرنامج للإصلاحات الجوهرية سيؤدي إلى نمو قوي وشامل ومستدام». كما نشهد بفضل ضخ الأموال حيوية سعودية غير مسبوقة في الجوانب العمرانية والترفيهية والسياحية يضاف إليها حضور مذهل للمواطن السعودي في أغلب المهن والوظائف.