شاهدت مؤخرا فيديو على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي بين خبيرين اقتصاديين أو مستشارين لإحدى الشركات الكبيرة أحدهما ينصح مجلس الإدارة بتقليل المصاريف وإيقاف مصاريف العمل الإضافي وتقليل الموظفين ومصاريف الترفيه والاكتفاء بالإنتاج الحالي محاولة لتقليل المصاريف التشغيلية بحوالي 30% لرفع أرباح الشركة إلى 5 ملايين دولار إضافية، ويبدو أنه مبلغ ضخم وهي السياسة الحالية، لكن المستشار الآخر الشاب الذي يبدو أنه يتبنى مدرسة فكرية مختلفة جداً قدم عرضاً مختلفاً بناءً على التوسع بالخدمات والتوظيف ومضاعفة عدد الموظفين وخطة التوسع وتحفيز التسويق الذكي عبر تقليل الأسعار من خلال التوسع بالخدمات ورفع مستوى الإنتاج، وصولاً إلى عائد مضاعف يقدر بضعف الفوائد السنوية تصل إلى 100 مليون، أي ما يفرق بين سياسة التقشف وإعادة الاستثمار حوالي 10 أضعاف!

الفيديو القصير جعلني أفكر كثيراً في الحقبة الأولى بين 2000 و2010 حيث تحولت معظم المؤسسات إلى شركات تعمل برأسمال يقدر ببضعة ملايين دون الخوف من التعثر وارتفاع المؤسسات المالية والبنوك التي تمول المشاريع بسبب نمو السيولة، بعد أن وصف لي أحد مديري الشركات المحلية أن مكتبه الشخصي يعج بمديري البنوك محاولين إقناعه لأخذ القروض والدخول شريكاً في مشاريع تنموية ضخمة والتي حتى لو تعثرت لكنها غطت تكاليفها بأرباح عالية وساهمت في رفع القيمة التسويقية عبر تسريع عملية التنمية ورفع مستوى البنى التحتية وحتى تسكين المقيمين والمستثمرين ورفع مستوى الاحتياجات المحلية، حتى لو فرضنا أن الأفكار الجديدة حول استدامة الاستثمار جاءت عبر تقليل المصاريف والتوظيف إلا أن التشجيع على الاستثمار مازال أمراً إيجابياً أكثر.

لا أنكر وجود مخاطرة مالية في الإستراتيجية المالية الثانية ربما تودي بقصة بقاء ونجاح الشركة، لكن المخاطر المالية موجودة في كلا حالتي الاستثمار أساساً، بينما يوجد فرصة أكبر للإستراتيجية الأولى للبقاء والخروج من عنق الزجاجة أو الفشل من أول تغيير ومن ثم حصر الخسائر عبر تسييل أصول الشركة والخروج بجزء أكبر من حصص رأس المال.

لا يمكننا أن نقبل هنا في عز هذه الأرض الغالية إلا بسياسات التطور ورفعة البلد والتفكير بإيجابية بدل كم هذا الإحباط إلا بالتفكير في مزيد من المشاريع التنموية في القريب العاجل والعمل بجد ورفع الإنتاج والتكيف مع متغيرات الأسواق عبر إيجاد برامج استثمارية جديدة تخدم هذا الوطن.