مع نهاية أسبوع حافل بالعمل والتدريس وقليل من الوعكات الصحية، استشعرت نوعاً من الرضا الداخلي، بالرغم من التقلبات التي مررت بها، والإجهاد الشديد الذي كنت أشعر به بعد نهاية اليوم، انطلاقاً من العمل وانتهاءً بالتدريس وقطع المسافات في درجة حرارة عالية وزحام مزعج، ولكن كان الرضا الداخلي دائماً ما يرسم ابتسامة على وجهي.

دائماً ما كان يخبرني من تتلمذت على أيديهم أكاديمياً أو حياتياً بأنه مجرد أن تغيّر من حياة شخص أو تُساهم في ذلك ولو باليسير ستشعر برضا داخلي غريب، وشعور مفرح يجعلك تتناسى كل التعب والجهد الذي بذلته في ذلك، هذا ما كنت أشعر به وأنا ألاحظ التغيير الكبير في مهارات الطلبة الذين حضروا ورشة الكتابة الإبداعية التي قدمتها في مدينة الشباب، كانت النقلة في مستوى الطلبة خلال خمسة أيام من الدراسة المكثفة نقلة نوعية، تجبرك على الابتسام وأنت تدرك أن نتيجة كل هذا التعب لم تذهب سدى، ولكنها كانت بادية على نتيجة ما تقدم بها طلبة البرنامج من إبداعات في نصوصهم التي قدموها كمشروع للمادة.

قبل انطلاق البرنامج كنت في حوار جانبي مع الأصدقاء عبدالكريم المير مدير إدارة الفعاليات والبرامج، وخالد جناحي رئيس قسم المواهب والشركات الشبابية بوزارة شؤون الشباب والرياضة، عن تخوّفي من عدم إمكانية تقديم مشروع متكامل لهذه الورشة، وذلك يعود لأسباب عديدة، أبرزها الجائحة وما تسببت به من فقد لمهارات الشباب وقلة ثقتهم بأنفسهم، بعد أن اعتادوا الجلوس والعيش في عوالم افتراضية بعيداً عن الواقع، ولكنهم كانوا جداً متفائلين بقدرة مدينة الشباب على إخراج الفئة المستهدفة في كافة البرامج من هذه القوقعة التي تسببت بها الجائحة والعودة من جديد لحياتنا الشبابية كما كانت قبيل الجائحة وفعلاً هذا ما حدث!

الإقبال الكبير على برامج مدينة الشباب من قِبَل الشباب والنشأ وحتى الأطفال يعكس مدى أهمية وجود مثل هذه البرامج والمحاضن للطاقات الشبابية لتوجيهها والعمل على صقلها من خلال إيجاد الورش النوعية التي تعمل على صقل «مهارات» الشباب بعيداً عن الجمود الأكاديمي البعيد كل البعد عن واقعنا الذي نعيشه، فوجود برامج قيادية وبرامج ذكاء اصطناعي، وبرامج طبخ، وبرامج رياضية كلها مطروحة بأسعار في متناول الجميع لا تعطي مجالاً لأي شاب ولا لأي ولي أمر بألا يبادر ويستثمر في نفسه، وهذا الاستثمار هو ما سيُحدث الفرق في شخصية الشاب عند دخوله لمعترك الحياة وسوق العمل.