كثيراً ما تتداول وسائل الإعلام ومواقع التواصل قضايا اجتماعية يتم التعاطي معها بنظرة أحادية الجانب، أو من خلال الفكاهة و«الغشمرة»، ولكنها تعكس حال وواقع المجتمع ونظرته تجاه القضية أو الحالة المطروحة.

الدارج اليوم على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي في البحرين الشكوى المتكررة من غلاء المهور والمغالاة في الطلبات من قبل العروس وأهلها، وهو ما يفتح الباب لعزف كثير من الشباب عن الزواج، أو اللجوء للزواج من أجنبيات، بمهور بسيطة للغاية.

ولكن هذه الحجج كذبها تقرير رسمي صادر عن وزارة العدل والشؤون الإسلامية أشار إلى أن متوسط مهور البحرينيات ما بين ألف وأقل من ألفي دينار، ما يمثل 37%، إلا أن أقل من 8% يطلبن صداقاً أقل من ألف دينار، وبالطبع فهناك فئة أخرى يطلبن أكثر من ذلك، حيث أشار التقرير إلى أن البعض يطلبن 9 آلاف دينار أو أكثر.

وكان لافتاً في التقرير أن أكثر من 30% من الجامعيات لم يشترطن صداقاً سوى ألف إلى ألفي دينار، ونحو 5% طلبن مهوراً أقل من ألف دينار.

من المهم هنا أن نؤكد أن المهر وهو حق شرعي للمرأة على الرجل، أكد عليه الله عز وجل في القرآن الكريم، حيث قال تعالى في سورة النساء «وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً»، كنوع من التكريم للمرأة، لكن دون مغالاة لقول الرسول الكريم «إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة».

ما أود مناقشته في هذه المقالة ليس مرتبطاً بكثرة أو قلة المهور فقط؛ بل أيضاً بتبعات الزواج، وقبله الاستعداد النفسي للطرفين لخوض هذه الرحلة، والتي ستشمل أيضاً عائلات الطرفين ومستقبلاً أولادهم.

فالأرقام الرسمية تشير أيضاً إلى نسبة ليست بالبسيطة لحالات الطلاق؛ والتي وصلت إلى 1986 حالة عام 2021، مقابل 6369 حالة زواج في ذات العام، ما يعني أن هناك مشكلة حقيقية تواجه المتزوجين، لم يكن السبب الاقتصادي رئيسياً فيها، بل تعداه إلى أسباب اجتماعية ونفسية وربما ثقافية.

أتمنى أن تكون هذه الأرقام والإحصائيات جرس إنذار لمؤسساتنا الرسمية والأهلية والأكاديمية للبدء في دراسات رصينة وعلمية لمعرفة أسباب عزوف الشباب عن الزواج، بعيداً عما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي وما يتم نشره من «تغريدات» و«بوستات» تحمل في طياتها الكثير من «الغشمرة» والتنمر على الطرف الآخر، إلى جانب التعرف عن كثب على أسباب ارتفاع نسب الطلاق، وهو ما يمكن أن تنعكس آثاره السلبية على استقرار المجتمع، والفئة الأكثر ضعفاً، وأقصد بهم الأطفال.