نعيش عصراً عمّت فيه الفِتنُ، وعَجَّت به الظواهرُ، وراجت فيه نَواقضُ التوجهاتِ بين اتجاه هابط إلى طَرف كاتّجاه الدببة واتِّجاه صاعدٍ إلى طرفٍ كاتجاهات الثّيرانِ، تبلورت في الآونة الأخيرة على شكل ما أصبح يعرف بــ«ترند».
وفي الآونة الأخيرة لقَت إيديولوجيا الكراهية والعِداء للأديان الأخرى مَصفّها بين قَوالب الترند، فبَين الْفَيْنَةِ وَالأُخْرَى يُراود الوجه المعادي للأديان من عملة التّطرف الوجه الثاني عن دينه، وذلك تحت مظلّة حرية التّعبير. فقد تفرّدت كل من السويد والدنمارك، في السنوات الأخيرة بظاهرة الاعتداء على حرمة المقدسات الدينية للمسلمين دون غيرهما، هذان البلدان اللذان لا يسمع لهما أو عنهما الكثير في المحافل الدولية كما يسمع عن الممارسات العدائية تجاه العقيدة الإسلامية، حتى أنهما لا يفصحان عنها إلا من وراء جُدُر سَمَّوهُ «حرية التّعبير».
إنّ دحض الحجة يكون بصِنف الحجة، فإن كان حرق المصحف الشريف ضرباً في عقولهم وقناعاتهم من حرية التعبير فهم بذلك يكونون من أحرقوا بأنفسهم فكرهم ودحضوا بأيديهم قناعاتهم، وإن كانت دلالة حرية التعبير في عموم دلالات أبجديتها تقوم على أدوات معنيَة بتبليغ رأي أو موقف بطبيعة اختلافه أو توافقه عمّا دونه، من بينها الكلمة لفظاً أو كتابة، ولم يندرج الحرق قط ضمن أدبياتها في تاريخ الحَضَر من الأمم !!
أين الرّدع القانوني دون الضوابط الأخلاقية ناهيك عن العقائدية هذا إن وجدت؟! التصريحات والاستنكارات أو إعادة النّظر في تصريح الإقامة لزيد أو عمر لا تكفي ولا تفي، بل لا معنى لها وتناقض نفسها بعد إصدار التّرخيصات لتجمعات مغرضة لتقوم على الملأ بأبشع انتهاك للمقدّسات، بل وتكريس طوق أمنيّ رسميّ من رجال الشرطة لهذا العمل الإجراميّ.
لحين إصدار قوانين إجرام الكراهية والتعدي على المقدسات الدينية طبِّقوا قوانين التّطرف على هذا الوجه من عُملتِه بَدلاً من رعايته والنّعقِ بتبريراته التّمويهية تحت شعار الحرية !!