في عالم السياسة، احتل مصطلح «الفكر الاستراتيجي» مركز الصدارة، وكان له صدى بوعود التقدم والتغيير التحويلي. بينما يؤيد النواب البحرينيون هذا المفهوم، يصبح من الضروري فك الجوهر الحقيقي للفكر الاستراتيجي، والتمييز بين اعتماده الحقيقي والمزالق المحتملة للخطاب المخادع. في مشهد يتسم بالتعقيد والتغيير المستمر، يستحق شعب البحرين فهماً واضحاً وغير منقح للنهج الاستراتيجي الذي يتبعه ممثلوهم في مجلس النواب. علماً يعتبر التفكير الاستراتيجي مهارة حيوية لواضعي السياسات والمشرعين، مما يمكنهم من اتخاذ قرارات مستنيرة تشكل مستقبل شعوبهم. إلا أن في سياق مجلس النواب البحريني، أعلن 9 نواب عن تشكيل كتلة مستقلة هي الأولى من نوعها، تحت اسم «كتلة التفكير الاستراتيجي»! سنتناول في هذه المقال أهمية احترام آلية تبني الفكر الاستراتيجي والمخاطر المحتملة للشعارات السياسية التي قد تترك الناس في حالة تضليل أو خيبة أمل.

الشعارات السياسية المخادعة

بينما تشق البحرين طريقها نحو التقدم، يجب أن يمتد التفكير الاستراتيجي إلى ما هو أبعد من مجرد العبارات السياسية ليشمل الإجراءات الملموسة وصنع القرار القائم على الأدلة. يستلزم الفكر الاستراتيجي الحقيقي تحليلاً شاملاً للتحديات الحالية والتطلعات المستقبلية والوقوف على معوقات البيئة الداخلية والخارجية للسادة أعضاء مجلس النواب البحريني. إنه ينطوي على التخطيط طويل الأجل، وتقييم المخاطر، وتعزيز ثقافة الحلول المبتكرة. إنه نهج يرتكز على الشفافية والمساءلة، حيث يتم الالتزام بالوعود التي قُطعت للشعب من خلال إجراءات ملموسة والابتعاد عن الشعارات الخداعة.

أبعاد الفكر الاستراتيجي في السياق البحريني

إن التطرق لأبعاد الفكر الاستراتيجي، ليس استنقاصاً من الكتلة البرلمانية التي اتخذت من الفكر الاستراتيجي شعاراً لها، بل لتعزيز فهم هذا الفكر بشكل أعمق، وتعزيز ثقافة الخطاب المفتوح، والدعوة إلى التبني الحقيقي للتفكير الاستراتيجي في رحلة البحرين نحو مستقبل أكثر إشراقاً. وعليه؛ سنلقي الضوء على الجوانب التالية:

- الجوهر الحقيقي للفكر الاستراتيجي: الكشف عن المبادئ الأساسية للتفكير الاستراتيجي، وإبراز قدرته على إحداث تغيير ذي مغزى، وصلته بالإجراءات البرلمانية البحرينية.

- مخاطر الشعارات السياسية: دراسة مخاطر استخدام الفكر الاستراتيجي مجرد خطاب لكسب التأييد الشعبي دون خطط ملموسة للتنفيذ.

- إشراك الجمهور: التأكيد على أهمية إشراك المواطنين في عملية صنع القرار الاستراتيجي وتعزيز الشفافية وبناء الثقة العامة.

- التغلب على العقبات: مواجهة التحديات التي تعيق التبني الفعال للفكر الاستراتيجي واقتراح الحلول لتجاوزها.

- تجاوز التعقيد: التأكيد على الحاجة إلى نهج ديناميكي وقابل للتكيف للتفكير الاستراتيجي، قادر على الاستجابة للظروف غير المتوقعة.

الخلاصة

لزيادة فاعلية مجلس النواب البحريني وتبني التفكير الاستراتيجي بشكل كامل، لا بد من معالجة نقاط الضعف لدى الأعضاء دون استثناء، انطلاقاً من تعزيز المعرفة والخبرة وثقافة التعاون، والتخلص من العقلية التقليدية وصولاً إلى الشفافية والمسائلة.

نأمل من خلال هذا التحليل أن نلهم من يهمه الأمر التزاماً جماعياً بتسخير الإمكانات الحقيقية للفكر الاستراتيجي والابتعاد عن الشعارات الخداعة التي قد تقوض تقدم المجتمع.

نطمح إلى تمهيد الطريق أمام جمهور أكثر استنارة وانخراطاً، مما يضمن أن يصبح الفكر الاستراتيجي أكثر من مجرد شعار، بل قوة قابلة للتنفيذ من أجل التغيير الإيجابي في المشهد السياسي في البحرين.