تساءلت في المقال السابق حول ما إذا كانت الصين تراقب ادعاءات النظام الإيراني بشأن حقل الدرة، ومحاولاته افتعال المشاكل مع السعودية والكويت بشأنه ؟ ليأتي الجواب على ذلك من السفير الصيني في الكويت، الذي صرّح مؤخراً لصحيفة "القبس" الكويتية وأكد عدم وجود موقف رسمي للصين بشأن أزمة حقل الدرة، وأن بكين تُفضل لجوء السعودية والكويت إلى "التشاور والتفاوض" مع النظام الإيراني.
يبدو من جواب السفير الصيني أن بلاده، التي توسطت لحل الخلاف السعودي/ الإيراني مؤخراً، فضلت الاكتفاء بما عملته من وساطة بين السعودية وإيران، وكأنها لا تريد التدخل أكثر بين الطرفين، ربما لإدراكها عمق الخلاف، الذي سببه بالتأكيد النظام الإيراني، الذي يصر على افتعال الأزمات مع أغلب دول الخليج العربي، وخاصة المملكة العربية السعودية، وما أزمة حقل الدرة إلا إحداها أو لنقل أحدثها.
السفير الصيني نقل وجهة نظر بلاده في أزمة حقل الدرة، التي فضلت الحلول الدبلوماسية المعتادة والتقليدية "الحوار والتفاوض والتشاور" وهذه مصطلحات جربتها دول الخليج العربي أكثر من أربعين عاماً مع هذا النظام الإيراني، ولكنها لم تخرج منها بشيء يذكر.
أعتقد أن الصين أدركت أن النظام الإيراني هو من لا يريد التقارب، ويسعى للمشاكل مع السعودية وبعض دول الخليج العربي، وإنها -الصين- قد لا ترغب في المزيد من التوسط لحل مشاكل من الصعب أن تنتهي بوجود نظام إيراني يبحث دائماً عن المشاكل مع جواره العربي، ولعل الصين لا تريد خسارة أي من الطرفين -السعودية والكويت والنظام الإيراني- اللذين تعتبرهما حلفاء لها، وترتبط معهما شراكات قوية.
حتى وإن كان الموقف الصيني لم يعلن بشكل واضح إلى الآن، ولكن نفهم من تصريح السفير الصيني للزميلة "القبس" أن الصين ليس لديها استعداد للوقوف مع طرف على حساب آخر، وهي تراعي بذلك مصالحها مع الجميع، وهذا من حقها، ولكن للسعودية والكويت حقوق كذلك في حقل الدرة، ويبدو أن النظام الإيراني يرغب في التعدي على حقوق الآخرين، كعادته دائماً في تعامله مع دول المنطقة منذ أكثر من أربعين عاماً، وأظن أن إصراره على ممارسة عاداته السيئة يضع اتفاقه مع السعودية على المحك، ليؤكد هذا النظام ما نحن متأكدون بشأنه سلفاً، من أنه نظام لا يحفظ عهوده ولا اتفاقاته ولا يراعي أبداً حقوق دول جواره.