لا تخلو أي دولة من العمالة الوافدة ومن العمالة المخالفة ومن العمالة التي تحاول خلق مجتمع داخل مجتمع وأنظمة تخرج عن القانون، ولا يخلو أي مجتمع من عمالة متطفلة تحاول أن تسيطر على المجتمعات لأهداف قد تكون سياسية أو دينية أو اقتصادية، فإذا ما تركت هذه العمالة تهيم في فضائها فإنها سوف تخرق قوانين الدولة وتكسر أنظمتها وبلا أدنى شك فإنها تحاول أن تؤسس لها دولة داخل دولة كالمافيا قد تفقد الدولة السيطرة عليها، فما أتناوله في مقالي ليس بخيال وإنما حقيقة ونحن نشاهد ازدياد عدد العمالة الأجنبية في كل المحافظات ونشاهد سطوهم على بعض أنواع التجارة ومنافسة المواطن في مصدر رزقه، للأسف جهود الجهات المعنية بطيئة في تصحيح أوضاع العمالة الأجنبية من نوع الإقامة وقانونية عملهم ولم نلتمس سعي المشرع البحريني في تعديل القوانين الخاصة بالعمالة الوافدة التي تنصف الطرفين العامل والكفيل.

تناولت في مقال سابق بأن هذه العمالة تستغل القوانين لأنها غالباً ما تكون لصالحهم حتى أصبحوا يتطاولون على الأنظمة والقوانين وما لمسناه في شارع صعصعة في المنامة دليل على تحديهم للدولة عندما لا تعبأ بإزالة المخالفات أو تعديل أوضاعهم أو حتى احترامهم للقوانين، كل مرة يعاودون الكرة في نفس المكان مراراً وتكراراً أليسوا يلعبون لعبة التحدي أملاً في أن تمل الدولة وتتعب من المخالفة والمطاردة وتتركهم يهيمون كيفما يشاؤون، ماذا لو بالفعل تركتهم الدولة ومل منهم بعض المسؤولين لأنهم «ما منهم فايدة»؟! أليست هذه مصيبة قد لا نعلم في أي منحى يأخذنا التهاون في عدم وضع ضوابط تنصف الجميع وخاصة المواطن والمقيم والمستثمر صاحب المصلحة والخدمة؟ الجهات المعنية تستطيع أن تتعاطى مع أي ملف وتنجزه إن أرادت فالتعاطي مع ملف العمالة السائبة والعمالة الخارجة عن القانون لا يختلف عن ملف كورونا (كوفيد 19)، بل إن القوانين الوضعية أو المدنية أسهل في تناولها من قوانين الطبيعة التي لا يمكن السيطرة عليها.

لا نحتاج إلى سائح ينتقد بلدنا ويصور قصور بعض الجهات وإنما نحتاج إلى مسؤولين على قدر من المسؤولية للتغيير والتعديل وتصحيح الأوضاع ومعاقبة من يتستر على هذه المخالفات، بعض السفارات والقنصليات الموجودة في بلدنا تطالب بالكثير حتى وإن مست حقوق المواطن وكأنها أوجدت لتوطين مواطنيها وإعطائهم مميزات أكثر من المواطن نفسه، كل مرة ندور في نفس الدائرة، تهدئ الأمور لبعض الوقت ويعود الضجيج أكبر من السابق وهلِمَّ جرا.