دائما ما نسمع أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، ولكن الحقيقة غير ذلك؛ فالاختلاف لدينا يتحول إلى طعن وسب وقذف أحياناً.
قبل عدة أيام اختلف بعض الأكاديميين حول ما إذا كانت الأرض مسطحة أم كرة، وبغض النظر عن الحقائق العلمية وغيرها من الأمور الثابتة، صدمت من طريقة الاختلاف فيما بينهم.
الخلاف تحول إلى تحقير فيما بينهم، وكل شخص يطعن بشهادة الآخر، بل دخلوا في الطعن بالنسب والأصل والتفكير و.... و.. و..، ولم تنفع شهاداتهم في حسن إدارة الخلاف.
قلت في نفسي: إن كانت هذه طريقة النقاش والاختلاف بين من يحملون أكبر الشهادات العلمية، فكيف بمن يحملون شهادات أقل من ذلك، أو لا يحملون أي شهادة علمية؟
لماذا حينما يكون هناك موضع خلاف، لا يسعى الجميع إلى توضيح وجهات النظر، بل يلجأون إلى الطعن والشتم والسب وغيرها؟ ما علاقة هذه الممارسات غير الصحية بنقطة الخلاف الأصلية؟
هل هو ضعف من الأشخاص المتحاورين، أم أنها ثقافة تربينا عليها منذ الصغر، أم أننا تعودنا على هذه الممارسات، وليس لدينا مناص منها؟
هل أصبح لزاماً على المدارس أن تقوم بتربية الأجيال الحالية على تقبل ثقافة الاختلاف، ووضعها في منهج مستقل، يتم تلقينه من خلال الممارسات العملية؟
أم أصبح من الواجب علينا تربية وتعليم الكبار، وبعض الأكاديميين الذين هم من المفترض أن يكونوا أكثر الأشخاص وعياً حول ثقافة الاختلاف.
وتساءلت أيضاً، ماذا لو كان الخلاف حول موضوع آخر ديني أو سياسي، أو حتى موضوع مصيري آخر؟ ماذا كان سيكون موقفهم، وهل سيكون الطعن بالسكاكين بدلاً من الكلام؟
حقيقة، تقبل الاختلاف أمر مهم جداً ليس فقط من أجل المنظر العام والثقافة العامة في المجتمع، بل من أجل عدم الانزلاق إلى منحنيات خطيرة، قد تقود إلى مشاكل كبرى لا يحمد عقباها.
ولنا في دول عربية وعالمية الأمثلة الواضحة على ثقافة عدم تقبل الاختلاف بوجهات النظر، بعضها انزلق إلى حرب طائفية، وأخرى وصلت إلى طريق مسدود، وثالثة ذهبت إلى تقسيم، وكل ذلك بسبب عدم وجود ثقافة الاختلاف الصحيحة لدى المجتمع.