تلعب المكتبات العامة دوراً أساسياً في نقل الحضارات والحفاظ عليها، فهي تحتوي على الناتج الفكري والمعرفي والحضاري للأمم، مودعة في الكتب والمراجع، كما تضم المكتبات مخطوطات، ونسخاً من بحوث الدراسات العليا مثل رسائل الماجستير والدكتوراه، فهي تضم بين جدرانها نتاج الفكر والمعلوفة والعلوم المختلفة، وتزخر البحرين بالمكتبات العامة المتطورة، فعلى الرغم من صغر المساحة الجغرافية للبحرين إلا أن البحرين تضم حوالي عشر مكتبات عامة، بالإضافة إلى المكتبات الخاصة بالجامعات والمؤسسات. ويلاحظ المتتبع لأحوال المكتبات العامة في مملكة البحرين أنها موزعة جغرافياً على جميع مناطق البحرين، فهناك مكتبة بنك البحرين الوطني بالمحرق، ومكتبة عراد العامة، ومكتبة الحد العامة، ومكتبة السنابس العامة، ومكتبة جدحفص العامة، ومكتبة مدينة عيسى العامة ومكتبة الرفاع الشرقي العامة، ومكتبة سترة العامة، والمكتبة الوطنية بمركز عيسى الثقافي، وأخيراً المكتبة الخليفية بالمحرق. كما يلاحظ المتتبع لأحوال المكتبات العامة في البحرين أنها مواكبة للتطور في مصادر المعرفة، فلا تكتفي بتوفير الكتب والمراجع، بل تجد فيها أجهزة الحاسوب، وتوفر خدمة الإنترنت ليتمكن المستفيد من المكتبة الوصول للمعلومات من خلال المواقع الإلكترونية والتي تشكل أحد مصادر المعرفة الحديثة، ناهيك عن اهتمامها بمصادر المعرفة للطفل، وهي تقيم بعض الأنشطة الثقافية للأطفال، فهي تحتضن منافسات تحدي القراءة، أو غيرها من المنافسات.

ولكن في الغالب نجد أن الشباب انصرفوا عن ارتياد المكتبات العامة، واستبدلوها بالمقاهي حيث إن المقاهي أصبحت توفر بيئة جاذبة للمذاكرة والقراءة والاطلاع، ففي المقاهي لا يحرم المراجع من تناول القهوة والمشروبات، وربما بعض الوجبات الخفيفة، في حين أنها تعد من المحظورات في المكتبات العامة وفق الثقافة القديمة في مجال المكتبات، كما أن في المقهى يحق للمراجع الدراسة الجماعية والمناقشة مع زملائه وعقد الاجتماعات على طاولة واحدة، في حين أن هذا النقاش لا يسمح به في المكتبات العامة، فعلى الرغم من أن المكتبات العامة في البحرين تتمتع بإمكانيات عالية، وبيئة مريحة للمراجع من توفير التكييف بقاعات القراءة، والحرص على نظافتها، وجودة مستوى الإضاءة، وجودة مستوى الخدمات المقدمة للمراجع.

إلا أنه مازال هناك عزوف من الناس عن ارتيادها، وقد يرجع ذلك لأن قوانينها وأنظمتها لم تعد تتناسب مع احتياجات ورغبات الناس، لذا نتمنى إعادة النظر في تلك القوانين وتحديثها بما يتناسب مع احتياجات الناس في هذا الزمان، وتكون مواكبة للمستجدات وذلك لاستقطاب المراجعين وتفعليها، كالسماح بالتعاقد مع محل لبيع القهوة والمأكولات الخفيفة، كما نتمنى إعادة النظر في الدور الذي تلعبه المكتبات العامة في المجتمع فلا تكون مجرد مكان لتوفير المراجع، وقاعة مناسبة للقراءة، بل تكون منتدى لتبادل المعرفة والخبرات، لتتحول لمنابر ثقافية تجمع الكتاب والمفكرين والخبراء على أرض البحرين، وتقدم برامج للتوعية والتثقيف، فتكون مراكز إشعاع ثقافي. وعموماً فإن البحرين أنفقت ومازالت تنفق مبالغ ضخمة على مباني المكتبات العامة وما تقدمه من خدمات، في زمن بات التقشف أمراً ضرورياً، فلابد من استثمارها بالشكل الأمثل.. ودمتم أبناء قومي سالمين.