قيل في الصداقة قرآن يتلى إلى يوم القيامة وأحاديث نبوية شريفة وأشعار وأمثلة كثيرة، منها قول الله تعالى في سورة الزخرف: «الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي»، وهنا وصف النبي الكريم الصداقة الحقيقية؛ فالصحبة الحقيقية لا تكون إلا مع المؤمنين المتقين لأنه لا مصلحة شخصية بها ولا منفعة ذاتية تزول بزوال هذه المصلحة أو المنفعة.

ويقول أحد الشعراء:

إن الصديق الحق من كان معك

ومن يضر نفسه لينفعك

ومن إذا ريب الزمان صدعك

شتت فيك شمله ليجمعك

وقيل: «صديقك من صدقك لا من صدّقك».

فالصداقة في الإسلام مفهوم يدل على العلاقة السامية، فأصل مفهوم الصداقة من الصدق، وهو ذلك الخلق العظيم الذي حثت عليه الشريعة الإسلامية ودعا الإسلام والمسلمين إلى الالتزام به، كما أن مفهوم الصداقة يأتي من قيم الوفاء والإخلاص وطول الصحبة، فالصديق تطول صحبته مع صديقه مع تقلب الظروف والأزمان.

وقد وضع ديننا الحنيف قواعد واضحة لكيفية اختيار الصديق، كي تكون هذه الصداقة مبنية على أساس متين، وتعود بالنفع على الفرد والمجتمع. ولأن الصديق يتأثر بصديقه في أشياء كثيرة منها الإيجابي ومنها السلبي، فقد حثنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على حسن اختيار الصديق، وألا تكون تلك الصداقة قائمة على مصلحة أو منفعة مرجوة، وإنما هو حب وأخوة في الله، يقول صلى الله عليه وآله وسلم: «‏المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل».‏

وأوضح الشيخ محمود عبد السميع من علماء الأزهر مفهوم الصداقة فقال: وردت كلمة الصداقة في القرآن والسنة النبوية بمفاهيم ومصطلحات تترادف معها في المعنى، وهي مفهوم الخلة والخلان، كما ورد في الأحاديث الشريفة، وذلك لأن الصداقة في الإسلام ترتبط بالعقيدة والخلق الحسن، فلا خير في الصاحب العاصي لأن صحبته فتنة.

ومن هنا كانت الصداقة من العلاقات الإنسانية في حياتنا لأنها تساعد في بلورة شخصية الإنسان إلى الأفضل، فهي تحمي الصحة النفسية من العزلة والانطواء، وتجعل الفرد أكثر قدرة على العطاء ومساعدة الآخرين.

ومن الصفات التي يجب توافرها في الصديق أن يكون تقيا صالحا، وهذا هو المعيار الذي يجب أن تضعه أمامك دائما، معيار الدين والتقوى والصلاح في اختيار الصديق. وأنت لك الخيار، وأنت صاحب القرار.