في بداية مقالتي؛ سأدعوك عزيزي القارئ أن تتصور أنك وزميل لك تحملان ذات الدرجة الجامعية وسنوات الخبرة وتقومان بذات الوظيفة ونفس ساعات العمل؛ لكنه يتقاضى أجراً أكثر منك.

قد يعتقد البعض أن هذا الأمر ضرب من الخيال؛ لكنه في واقع الأمر حقيقي في الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث إنه ورغم مرور أكثر من ستين عاماً على إقرار قانون المساواة في الأجور بين الرجل والمرأة؛ إلا أن ذلك قد يستغرق 33 عاماً إضافياً، حسب دراسة جديدة، ولن يحدث قبل عام 2056 على الأقل.

وبحسب الدراسة، فإنه في حال أن استغرقت مسألة سد الفجوة نفس الوتيرة المحققة منذ صدور القانون عام 1963، فإن السيدات ستحصلن على أجر مماثل للذكور بعد 93 عاماً، كما أن السيدات الملونات قد تستغرقن وقتاً أطول للوصول للمساواة في الأجور.

ما أورده آنفاً أحد الأمثلة فقط عما تعانيه المرأة من تمييز في الولايات المتحدة بشكل خاص، والغرب على وجه العموم، إلى جانب كثير من المضايقات النفسية والجسدية والاجتماعية في أماكن العمل، ليس لسبب واضح إلا لكونها امرأة فقط.

الغريب في الأمر أن تخرج علينا حكومات ومؤسسات رسمية ومنظمات مجتمع مدني غربية تنتقد أوضاع المرأة في عالمنا العربي، وتقدم لنا وصفات وخططاً وبرامج ومشاريع لتمكين المرأة ودعم فرصها التعليمية والعملية في مختلف المجالات.

ولا أريد أن يُفهم من حديثي هذا القول إن أوضاع المرأة لدينا مثالية، ولكنها على الأقل ليست بذات السوء، بل أن هناك بشكل عام وعياً واحتراماً مجتمعياً لمكانة المرأة، إلى جانب ما تم إقراره من تشريعات وقوانين تحفظ حقوق المرأة، وتكرس مساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات، ومنها المساواة في الفرص الوظيفية والأجور. ولنا فيما تعيشه البحرين مثالاً حياً على ما أقول.

وذات الأمر ينطبق على كثير من القيم والعادات التي يحاول الغرب فرضها على مختلف شعوب الأرض، مثل الشذوذ، والمسمى تلطفاً «المثلية الجنسية»، دون أي اعتبار للخصوصيات الثقافية والدينية وقيم المجتمعات والعادات والتقاليد الخاصة، وكأن الغرب هو مركز التنوير والإشعاع الإنساني الوحيد في العالم، فيما يعيش غيره في دياجير الظلام والجهل والتخلف.

لا يمكن لأحد إنكار ما حققه الغرب من تقدم حضاري وتكنولوجي مادي سريع ومبهر، ولكنه في مجمله لم يقم اعتباراً للطبيعة البشرية السوية، بل حتى البشر هناك تحولوا لمجرد أدوات وسلع تديرها الحكومات وكبرى الشركات العالمية.

إضاءة

وفق تقرير مركز التقدم الأمريكي؛ وبسبب التمييز في الأجور خسرت السيدات نحو 61 تريليون دولار خلال 60 عاماً من أجورهن، أو حوالي ضعف الدين المحلي الحالي في أمريكا والبالغ 31.9 تريليون دولار.