رحم الله الشاب حسين عبدالهادي وأسكنه فسيح جناته، وجبر قلوب أهله وذويه وألهمهم الصبر والسلوان، ليست هذه الحادثة هي الأولى من نوعها، وليس هذا الخطأ الطبي أو الإهمال هو الأول من نوعه، ولكنْ، لهذه الأخطاء ثمن غالٍ وهي روح نخسرها من حولنا.

إن حدوث مثل هذه الأخطاء في المستشفيات العامة يتحول عادة لقضية رأي عام، ويكثر فيها اللغط وطرح الآراء والمطالبات بأشد العقوبات، ولكن في العيادات الخاصة من الصعب أن تنتشر أخبار هذه الأخطاء، وتوجد الكثير من الاستراتيجيات لمنع انتشارها، ولكن في حالة الوفاة يصبح من الصعب التكتكم على الأمر ومراضاة الأهل ببكجات وعروض وخدمات صحية لإسكاتهم.

في هذه الأثناء تقوم «نهرا» بالتحقيق في ملابسات الوفاة بعد تلقيها البلاغ من الجهات الرسمية، واستلام الإحالة من النيابة العامة، وليس لدينا شك في قدرة الجهات المختصة على إظهار الحق ومحاسبة المتسببين لكيلا يكون لديهم ضحايا آخرون. هذه الحادثة تجرني إلى نقطتين أساسيتين يجب الحديث عنهما، الأولى هي أن الإعلان لمثل هذه النشاطات الطبية، والعمليات المتخصصة، والتجميلية، دون تجربة، واستناداً فقط لكلام العيادة أو المستشفى، فعل مادي بحت، وفيه الكثير من الأنانية والفردانية، بحيث إن المعلن لا يكترث لنوع الخدمة أو البضاعة المقدمة، إنما يهمه المال الذي سيقبضه فقط، ومن هنا نتوجه للمعنيين بإيجاد قانون يجبر البلوقرز والفاشينستات على الحصول على ترخيص للإعلان في السوشيال ميديا، وحبذا لو أنه لا يسمح لغير المتخصص بالطب بالإعلان عما يمس صحة المواطنين، وكذلك محاسبتهم في حال الإعلان عن منتجات غير مرخصة من الجهات المعنية.

النقطة الثانية والتي سبق لي الحديث عنها هي صحة شهادات الأجانب، فعندما يتخرج المواطن البحريني يمر بإجراء طويل تتخلله الكثير من التحقيقات من قبل التعليم العالي، ومنها تصديق السفارة وخارجية الدولة المانحة للشهادة، والتأكد من تذاكر الطيران وعملية الدخول والخروج من البلد مع الجوازات وغيرها من الإجراءات التي تضمن أن الطالب لم يشترِ شهادته وليست مزورة.

بينما لا يتم التحقيق في مؤهلات الأجانب بنفس الطريقة، فبمجرد أنه يرسل سيرته الذاتية يقوم رب العمل بمقابلته وتوظيفه في القطاع الخاص، ومن الممكن أنه لا يملك أياً من هذه الشهادات بشكل فعلي وإنما هي من إعداد مكاتب التوظيف في البلد الذي أتى منه ومن رشحته لشغل هذه الوظيفة.

المصيبة لا تكمن في وظائف القطاع الخاص بقدر ما هي موجودة في القطاع التعليمي والأكاديمي، فالتأكد من صحة الأكاديميين في الجامعات يحتاج للمزيد من الصرامة، فبعضهم لا يحمل أي معلومات وإنما هو يتحدث بما يعطى من محتوى!

كما أذكر مرة أن موظفاً إدارياً من جنسية آسيوية تحول لأكاديمي وهو لم يخرج من البحرين، وعندما سأله زملاؤه كيف فعلت هذا، قال لقد أكملت الماجستير عن بعد، وربما هو لم يدرس يوماً وإنما استطاع توفير هذه الشهادة بمقابل نقدي.

ولذلك يجب علينا معاملة الأجانب وخاصة الأكاديميين بصرامة أكبر في موضوع التحقق من شهاداتهم للحصول على تعليم مثالي لأبنائنا.