البيان الذي صدر أخيراً عن المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية واستنكر فيه «إقحام المنابر الدينية والعبادات في أدوار سياسية دخيلة عليها، ومنه تحويل الصلوات في بعض الجوامع إلى ساحة للهتافات والشعارات السياسية» لم يعبّر عن موقف علماء الدين فقط ولكنه عبّر أيضاً عن كل عاقل وموضوعي في هذه البلاد بل في العالم أجمع. البيان شدّد على «ضرورة أن يحفظ للمسجد وللمنبر الديني وللعبادات قدسيتها وحرمتها والإخلاص لله تعالى فيها، وعدم الخروج بها عن مقاصدها الشرعية الثابتة، أو استغلالها لأداء أدوار أخرى لا تمتّ إليها بصلة، مما يعرّضها لانتهاك حرمتها ودورها المفروض لها من الله سبحانه» وأن «للمسجد وللمنبر الديني في الإسلام دوراً أساساً ومهمّاً في حياة المسلمين؛ ينشران فيهم العلم والفضيلة، ويحثانهم على الخير والبر والتعاون، ويصونان فكرهم وسلوكهم، ويحفظان عليهم هويتهم ووحدتهم، ويعبّران عن ضميرهم» ودعا «أصحاب الفضيلة العلماء والخطباء وجميع المخلصين إلى أخذ دورهم المنشود في حفظ المنابر والعبادات من الاستغلال السيئ الذي يضر بها، ويشوه صورتها، ويحرفها عن دورها الأصيل».

هذا لا يعني أبداً أنه ليس بمقدور المرء التعبير عن رأيه وموقفه وموافقته أو رفضه لأي قول أو عمل، ففي هذه البلاد دستور يسمح بذلك وقانون ينظمه، وفيها من الأعراف والعادات ما يؤكد على ضرورة جعل دور العبادة للعبادة فقط وعدم استغلالها وتوظيفها لخدمة مواقف سياسية أو غير سياسية.

بيان المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية لخّص موقف الشرع الإسلامي من هذه المسألة وهو ما لا يختلف فيها اثنان وينبغي ألا يختلفا، فهذا هو الشرع، ولا يجوز لمسلم مخالفة الشرع وإخضاع هذه المسألة وأمثالها للفلسفة والاجتهاد، فلا رأيان فيها وإن اختلفت المذاهب والمشارب.

ما نبه إليه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية من شأنه أن يحمي البلاد والعباد من كيد الشيطان الذي يجد في مثل هذه البيئة الفرصة التي يحلم بها.