عندما كنت في المدرسة، دائماً ما يتردد في المناهج الدراسية عن الوسيلة الإعلامية التلفزيون كونه سلاحاً ذا حدين، كنت حينها استهجن عبارة «سلاح ذو حدين» لأني كنت أجد أن التلفزيون يقدم الكثير للمشاهد ولم تكن لدي أدنى شك بأن التلفزيون إيجابي بكل دوافعه الاجتماعية والسياسية والثقافية ونظرياته المتعددة في الإعلام وعلم الاجتماع، فإن كان لابد أن يطلق عليه فهو بالتأكيد بالنسبة لي سلاح هادف فهو الترفيه والمعلومة والخبر، أما بالنسبة للبعض فهو سلبي وهادم والبعض يجده بين البينين، وكذلك بالنسبة للسينما والإذاعة.
أتوقع لو يرجع بنا الزمن إلى وقت ما قبل الإنترنت والفضائيات والتكنولوجيا المتقدمة لن يجرؤ أي مدرس أو طالب عاصر الفترتين أن يصف التلفزيون بأنه سلاح ذو حدين مقارنة بهذا الانفتاح الواسع فهو بالتأكيد كما وصفته سابقاً بأنه إيجابي، فاليوم نقف صامتين أمام التطور التكنولوجي المتسارع ونقف حائرين أمام عبارة سلاح ذو حدين فهل أصبح العالم مخيفاً مع الذكاء الاصطناعي والتطور التقني أم أنها مرحلة كما مرحلة التلفزيون في السابق؟
بالفعل التطور التكنولوجي سلاح ذو حدين، فبالرغم من أنه يخدم مختلف القطاعات والمجالات ويتسابق مع الوقت والجهد إلا أن استغلال التكنولوجيا بنواحٍ سلبية وسوء استخداماته يجعله مريباً وغير مرغوب ولا ندري هل سيأتي الأسوأ أم سوف نقف عند هذا المنحنى ونحد من مساوئه؟ فالأمثلة تطول على سوء استخدام التكنولوجيا.
لن أتطرق إلى الذكاء الاصطناعي وفرص البطالة أو إمكانية تغلب الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري ولكن الاختراق التكنولوجي في الخصوصية والتعدي على المعلومات الهائلة عن الفرد أو البلد هو باب وجب رصده، فكل ما يبدو سرياً ومكتوماً فهو في الكفة الأخرى معلوم وربما مفضوح فقد اقتحم بالفعل حياتنا، فالتكنولوجيا لم تقدم لدول العالم الثالث من أجل تطوره وتقدمه وإنما ليكون الجميع أسرى لهذه التكنولوجيا التي تأتينا دائماً متأخرة، لا ندري كيف يدير الذكاء الاصطناعي مستقبل التكنولوجيا؟ وما هو حدا هذا السلاح؟ ولكنه بالتأكيد لا يقارن بتلفزيون القرن الماضي وحدوده.