تحقيق الردع في المجتمع لا يأتي من خلال مكافأة الجاني أو المجرم، وإنما يأتي من خلال تغليظ العقوبة عليه والتي تتناسب مع الجرم، ليس من أجل أن يكون عبرة لكل من تسول له نفسه في انتهاك حقوق الآخرين فقط، وإنما تحقيقاً للعدل وعدم الإفراط به أو الإخلال بمبادئ أساسية التي من شأنها تقوّم المجتمع وتحقق الاستقرار فيه.

تصديق مجلس النواب على قانون يقضي بمعاقبة مرتكب جريمة الاغتصاب، وإلغاء المادة القانونية رقم (353) التي تعفي الجاني من العقوبة في حال قبوله الزواج من المجني عليها، قرار يشكر عليه وعلى الجهود المبذولة من قبل جهات عديدة سعت لإلغاء المادة التي كانت تنص على أن «لا يحكم بعقوبة ما على من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد السابقة «وهي جرائم الاغتصاب والاعتداء على العرض»، إذا عقد زواج صحيح بينه وبين المجني عليها. فإذا كان قد صدر عليه حكم نهائي قبل عقد الزواج يوقف تنفيذه وتنتهي آثاره الجنائية»، هذا القانون كان مجحفاً لحقوق المرأة وأسرتها وهل تنتهي آثار الاغتصاب على الضحية لمجرد تم عقد القران؟؟

تساؤلات كثيرة حول هذا القانون ولكنها كانت اجتهادات واسعة لم تحقق الأهداف المرجوة منها في إنصاف المرأة وإعطائها حقوقها بالكامل من خلال عقوبة الجاني وسلب حريته بدلاً من أن تراه أمام عينها يتبجح من جريمته وربما تسول له نفسه التعرض لفتاة أخرى وأذيتها مادامت المكافأة هي الزواج، وبهذا القرار الصائب تنضم مملكة البحرين إلى دول عربية عديدة ألغت مثل هذه المادة من قانون العقوبـــات. مملكة البحرين تسعى جاهدة في صون حقوق المرأة وعدم المساس بها، ولكن نحتاج إلى قوانين رادعة أكثر فيما يخص الاغتصاب وتعنيف المرأة حتى لا يفكر أياً كان التعدي أو الإخلال بهذه الحقوق لما تتركه حالات الاغتصاب والعنف وغيرها من آثار نفسية وجسدية كبيرة على الضحية من الصعب الاستهانة بها، وكثيراً ما تحمل الضحية هذه الآثار حتى عندما تكبر أو تتزوج، فالخوف المتلازم عند الضحية يدمرها تماماً ويعرضها لأمراض أخرى تفقد فيها التمتع بالحياة من شدة القلق والخوف وعدم النوم وعدم الثقة بالآخرين.