أحياناً الظروف تحول دون الاستمرار في الفعل؛ فالإخفاق ليس دليلا على عدم المحاولة، أحيانا الرجوع إلى المربع الأول هو في الأصل المربع الصحيح والأخير وأن تقدمه إلى المربع الآخر لم يكن إلا خطوة للتغيير والتعبير عن النفس حتى لو حقق الخطأ، ربما حليمة كان لديها الدافع لتعود كما كانت إلى المربع الأول ولم يكن يهمها أن تكون حتى في مربع الصفر.

يقال إن حليمة كانت زوجة حاتم الطائي الذي يضرب به المثل في الكرم والجود والسخاء لكل من يقصده أو يحل ضيفا عليه، وعلى النقيض اشتهرت زوجته حليمة بالبخل والشح بين جيرانها، وكانت تقتصد في الطعام أكثر مما ينبغي، حيث كانت تضيف الشيء البسيط جدا من السمن على الطعام، وكان هذا الشح يفسد طعم الأكل ولا يستسيغه أو يقبله أحد، وكان زوجها يستاء من ذلك لكونه رجلاً كريماً ويده تشهد على «بحبوحته « بين العرب، فقال لها زوجها مرة إن أجدادهم الأوائل يقولون إن الله يطيل من عمر المرأة ويمده للحياة الطيبة كلما أكثرت من السمن في الطعام، وكان يقصد من ذلك تغيير سلوكها من البخل وتكون سخية في إعداد الطعام، فسرت زوجته بهذا الكلام وطاب لها وأصبحت تزيد من السمن في الطعام فحلا طعمه وطاب أكله وصارت سخية حتى يمد الله في عمرها وأصبحت على هذا الحال إلى أن جاء اليوم الذي زهدت في الدنيا وتمنت دنو أجلها بعدما توفي ابنها الوحيد وغدت تمارس عادتها القديمة في البخل والشح في كمية السمن حتى ينقص الله من عمرها لذلك يتداول البعض مثل «رجعت حليمة لعادتها القديمة» والذي يطلق على العودة إلى السلوك الذي يعهده الفرد من قبل وتعّود عليه قومه في مناحي الحياة المختلفة، البعض يقول أيضا «عادت ريما لعادتها القديمة» ويبقى هذا المثل من الأمثال التي يتداولها الناس في السلوكات ذات الصفة السلبية.

الغالبية العظمى «يمكن» مروا بمواقف كتلك ثم أرجعتهم إلى المربع الأول وأصبحوا كحليمة أو ريما عندما تقدموا خطوات، ثم بسبب ما رجعوا على ما كانوا عليه وإلى العادة التي مارسوها من قبل والمواقف كثيرة تشهد على عدم القدرة على الاستمرار أو ربما يكون التغيير لا يتوافق مع شخصية المرء وطبيعته؛ فالكثير منا يضع خططه ويحاول أن يصل الى مبتغاه، ولكن الظروف تشاء إلى أن يقف ويعيد حساباته ويعود إلى سابق عهده ليجد أن العودة هي مصدر سعادته، فليست كل النفوس كنفس حاتم الطائي وليست كل القلوب كقلب حليمة عند الفقد.