الخروج من شهر رمضان المبارك يوفر للذين أنعم الله عليهم بصيام أيامه وقيام لياليه الإحساس بأنهم بدؤوا عاماً جديداً وتهيؤوا لحياة جديدة ودخلوا مرحلة تستوجب منهم إحداث تغيير في سلوكهم وفي نظرتهم إلى الأمور كي يتغيروا.

هذه واحدة من النعم العظيمة ومن فوائد وعوائد الشهر الكريم، أعاده الله علينا جميعاً. يستثنى من أولئك قاصرو النظر من الذين لايزالون دون القدرة على تحرير عقولهم مما سيطر عليها ومن الذين أوهموهم بأنهم قادرون على الإطاحة بنظام موغل في الزمن ويمتلك التجربة والرجال وكل وسائل القوة والمنعة وتأسيس دولة على هواهم ليكرروا ما آلت إليه الأمور في دول عربية عديدة لاتزال تعيش الويلات من هكذا أفعال ولم تعد قادرة على الإفلات من مآزقها.

مؤسف أن أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة وفي ثورة» لم يستغلوا الشهر الكريم والنفوس المفتوحة على الخير والعطاء خلاله ليوفروا المثال على صدق نواياهم وعزمهم على تجاوز ما مضى والعودة إلى حكم العقل والحكمة، وهذا يدفع العقلاء إلى توجيه النصح لهم لعلهم يستغلون خروجهم من الشهر الكريم ويعودون إلى رشدهم ويحدثون التغيير اللازم في أنفسهم ليغير الله سبحانه وتعالى عليهم، ويحصلوا على قبول الحكم ورضا المتضررين بسببهم.

ما حدث هذه المرة ليس بجديد فهو يتكرر في كل عام لكنه يضيف مثالاً جديداً على بعد أولئك عن السياسة وتطفلهم عليها، فمن لا يرى أبعد من أرنبة أنفه يؤكد أنه لا يفهم في السياسة ولا يمكن أن يتغير ليخدم نفسه على الأقل.

استمرارهم في هكذا تفكير يعني استمرارهم في هكذا حال، ويعني أنهم سيفقدون في كل يوم العديد ممن وثقوا فيهم وغامروا بمستقبلهم ومستقبل عيالهم ولم يذوقوا إلا الأذى.

البحرين تقترب من الوصول إلى اليوم الذي لم تعشه بعد، ومن أراد أن يعيشه مع الآخرين فليس له إلا أن يغير من نفسه كي يغير الله سبحانه وتعالى عليه.