من الشعارات الجديدة التي صار أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «قادة محور المقاومة» يعملون على إدخالها عنوة في رؤوس العامة أن «خطوات الزوال والعد التنازلي لنهاية إسرائيل بدأت فعلاً» وأن «ما تشهده من مظاهر التصدع والانقسام هو على طريق التفكك وتهتُّك البنى السياسية فيها وصولاً إلى زوالها عن أرض فلسطين» وأن «إحياء يوم القدس العالمي هو جزء من المعركة التي تخوضها أمتنا لتحرير فلسطين» وأن «أمريكا مهزومة وتضعف». هذه الشعارات تكفل لهم تحقق أمرين، شحن الداخل الفلسطيني لمواصلة المواجهة غير المتكافئة من باب أن التحرر يستوجب التضحية بالروح والدم، وإغراق العامة في البلاد العربية والإسلامية في وهم أن إسرائيل اليوم من الضعف بحيث لا يتطلب أمر طردها من فلسطين سوى صبر ساعة.

هذه الشعارات عمل أولئك على الترويج لها خلال المهرجانات الخطابية التي أقيمت أخيراً، واهتمت بنقلها على الهواء مباشرة الفضائيات السوسة وشاركت في عملية الشحن التي لن تفضي إلى مفيد على أرض الواقع الذي يؤكد أن إسرائيل وأمريكا ليستا بالكيفية التي يصورونهما بها، وأن ما شهدته تل أبيب أخيراً من مظاهرات واحتجاجات لا يعني أنها تعيش الخلافات المفضية حتماً إلى سقوط الحكومة ونهاية إسرائيل.

واقع الحال يؤكد أيضاً أن هذا السعي هو واحد من أهم الأسباب التي جعلت إسرائيل تقوى أكثر وجعلت العرب يضعفون أكثر، فعندما يسعى من يعتبرون أنفسهم «قادة محور المقاومة» إلى الترويج لمثل تلك الشعارات فإنهم إنما يفصلون العامة عن الواقع ويجعلونهم يحلمون بما لا يمكن تحققه.

لا المسيرات البرية ولا البحرية «وهذه جديدة»، ولا المهرجانات الخطابية والاستعراضات العسكرية، ولا رفع علم فلسطين على قارب يجوب مضيق هرمز يفضي إلى تحرير فلسطين واسترجاع القدس والمسجد الأقصى. ومن يحكم عقله ويتمكن من قراءة الواقع قراءة صحيحة لا يمكن أن يقول بغير هذا، وإن قال به وسعى للترويج له من يعتقدون أنهم الأكثر فهماً والأكثر قدرة على استشراف المستقبل!