أثارت قضية التسريبات الاستخباراتية الأمريكية التي انتشرت في وسائل الإعلام وظلت تظهر مدى قيام جهاز المخابرات الأمريكي ما يسند إليه من عمليات توجيه ورصد التحركات المتعلقة بالملف الروسي الأوكراني، إلى أن اختصر في النهاية بأن هناك موظفاً من داخل جهاز المخابرات هو من قام بعملية التسريب.

غير أن من ينظر إلى أبعاد هذه التسريبات فإنها لم تمس البيت الأبيض أو تحركات أمريكا الفعلية بخصوص الصراع الروسي الأوكراني، فهي ركزت على المعلومات الاستخباراتية العملياتية من دون التركيز على تحركات واشنطن الفعلية، فبعض التسريبات ما هي إلا تقييم للدفاعات الجوية الأوكرانية أو تحركات الدول الداعمة للحرب على المستوى الأول وهي الدول التي تزود كييف بالأسلحة والتدريب والمستوى الثاني هي الدول التي تلعب دور الحياد.

النقطة التي أود إيصالها بأن التسريبات جاءت من فرد من قبل المخابرات الأمريكية قد تكون صحيحة في حال كانت تمس الأمن القومي الأمريكي، كأعمال التعذيب والقتل والاغتيالات وغيرها، ولكن التسريبات جاءت بصورة مدروسة للغاية وتستهدف دولاً قد جاءت تصريحاتها بأنها قد تخفف مستوى الدعم لأوكرانيا ومنها كوريا الجنوبية.

وتباعاً لذلك، فإن التسريبات ما هي إلا استعراض قوى الاستخبارات الأمريكية وليس ضعفها، وهي قدرتها على تتبع المكالمات من رؤساء دول وغيرها، وبالتالي فالنظرة الأكثر شمولية أن أمريكا تقوم بابتزاز حلفائها بصورة واضحة بمعنى تريد أمريكا أن تظهر لحلفائها بأنها قادرة على معرفة ما يدور من خلف الأبواب المغلقة من دون وجود واشنطن وأن ما يجري فإنها على علم به.

خلاصة الموضوع، إن موضوع التسريبات الأخيرة هذه رسالة واضحة لحلفاء أمريكا بأن جميع التحركات هي مرصودة ويتم التعاطي مع الجميع بناءً على المعلومات الاستخباراتية التي يتم البناء عليها قرارات السياسات الخارجية للبيت الأبيض، حيث لعبة التسريبات هي قديمة وليست وليدة اللحظة فالمعلومات الاستخباراتية المصيرية تبقى بعيداً عن وسائل التقنيات الحديثة لأنها ستتعرض للاختراق مهما كانت قوة إجراءات الحماية، لنصل إلى الهدف الأكبر وهو التهديد الأمريكي للحلفاء بعدم الالتحاق بالقطب الجديد أو سيتم تسريب معلومات أكثر تغير توجهات الرأي العام المحلي وحتى الدولي.