حدد الإمام الشافعي فوائد السفر في خمسة أبواب وهي، «إزالة هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد»، ولكني أعتقد أن للسفر فوائد أكثر مما حددها الإمام، رحمه الله، خصوصاً عندما تقترب من الناس وتتعرف على طبيعتهم وظروفهم وما يحملونه من ثقافة.

ولكن للسفر، وتحديداً خلال شهر رمضان المبارك فوائد أكثر بكثير.

ففي القاهرة، عروس النيل وملكة الشرق، اقتربت أكثر من هذا الشعب الأصيل، والذي لايزال يحمل في داخله قيم الشهر المبارك بالتراحم والتواصل، رغم ما يمر به من ظروف، إلا أن الابتسامة الدائمة وخفة الدم وسرعة البديهة في النكتة هي الغالب.

رأيت موائد الرحمن الممتدة، يجلس الجميع عليها يتناولون إفطاراً واحداً ويتبادلون الحديث بكل مودة.. موائد يقوم عليها متبرعون ومتطوعون من كافة فئات المجتمع، تقدم الطعام بكل محبة واحترام لكل المحتاجين وعابري السبيل.

على موائد الرحمن لا يمكنك أن تعرف من هو المتبرع ومن هو المحتاج، الكل يسعى للخدمة وتقديم الأفضل، وكأنهم أسرة واحدة اجتمعت على طاولة طعام واحدة.

وذات الأمر يتكرر في أكثر من دولة، خصوصاً في أفريقيا، حيث ظروف الحياة وقسوتها دفعت الكثيرين إلى اللجوء للجمعيات والمتبرعين ليسدوا رمقهم ببعض لقيمات.

بالتأكيد لكل بلد ظروفه وأوضاعه الخاصة، ولنا هنا في البحرين أوضاعنا وظروفنا الخاصة، قد لا تكون أفضل شيء على الإطلاق، ولكنها أفضل بكثير مما حولنا، ورغم كل ذلك نرى أبناء البحرين يسارعون في كل رمضان إلى تقديم المساعدة للعائلات المحتاجة ومحاولة تلبية ولو جزء من احتياجاتهم، إلى جانب الموائد الممتدة في أكثر من مسجد، فيتجسد معنى الشهر الفضيل في أجمل القيم والصور المجتمعية.

ولا يمكنك أن تعبر شارعاً رئيسياً أو فرعياً عند موعد الإفطار، حتى ترى العشرات من شباب وفتيات البحرين يقدمون إفطاراً سريعاً بابتسامة تحمل في طياتها كل معاني الحب والمودة.

هذه هي البحرين، والتي تعودت منذ سنوات طويلة أن تكون ممدودة اليد لكل محتاج في الداخل والخارج، وخصوصاً في الشهر الفضيل، والذي تتجسد فيه قيم الرحمة الإخاء والتواصل.

إضاءة

مع كل ما في السفر من متعة وفائدة، إلا أنني ومنذ الساعات الأولى للرحلة أشتاق وأحن للوطن، أحن للبحرين بفرجانها ومدنها وقراها وناسها الطيبين.

أدام الله نعمة الأمن والأمان والخير والبركة على هذا الوطن وقائده وشعبه المعطاء.