الكثير يتحدث عن متغيرات مهمة في تشكيل النظام العالمي ليس على المستوى الاقتصادي بل على كافة المستويات، فموازين القوى هي من تحدد من الطرف الأقوى والأمثل لكي تتبعه الدول، وفي فترة انتعاش الرأسمالية بالنظام الغربي بعد هدم جدار برلين 1989 أصبح العالم يتجه إلى تبني هذا النظام والذي بلغ ذروته في أن يكون معياراً للتطور والتقدم.
إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة وهي مرحلة الطغيان، فقد ظهرت معايير جديدة بعد إحكام الهيمنة على الدول ومنها معايير تتعلق بحقوق الإنسان والتبعية واستبدال الثقافات الوطنية بثقافات لا تمس بالإرث ولا الديانة، حتى وصل الأمر إلى أن البيئة المحيطة بالمجتمعات سواء العربية أو الشرقية أصبحت رهينة هذه المعايير بل اتضحت الصورة أكبر عندما نهبت الثروات مقابل أمور وهمية تم خلقها للشعوب من أجل زراعة الخوف بها كصناعة الأزمات والكيانات التطرفية والإرهابية وإلصاقها بتلك المجتمعات.
وتباعاً لذلك، انتبهت الدول بشكل واضح بأن ما يجري ما هو إلا سرقة في وضح النهار، والإبقاء على تلك المجتمعات مستهلكة بائسة بلا طموح وأمل في أن تكون في مقدمة العالم، حيث إن الدول المنتجة للطاقة والصناعات والتي تحوي في باطنها خيرات الأرض تغذي الدول الغربية بشكل مفرط وليس له تبرير سوى أنهم تمكنوا من الهيمنة على مفاصل الاقتصاد والتكنولوجيا.
وفي مرحلة ما هناك من عمل على تهيئة البنى التحتية لمواكبة التطور عبر جلب هذه التقنيات والبناء عليها وذلك بهدف الاستقلالية الكاملة، كالذي يحدث اليوم في الصين وروسيا والهند، ووصولاً إلى دول عربية كالمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية وغيرها من الدول لتكون لاعباً أساسياً في مجال الصناعات والتطور التكنولوجي، حتى أصبحت بكين يطلق عليها مصنع العالم، وتعمل حالياً لتشكيل تحالف كان بدايته بريكس.
خلاصة الموضوع، تشكيل النظام العالمي الجديد سيكون رهينة الدول الغربية إما الدخول في مرحلة التعايش مع تعدد الأقطاب من دون النزعة العنصرية والدينية والانخراط مع هذا العالم، أو المواجهة لكسر العظام عبر استخدام القوة العسكرية والاقتصادية، فأمريكا فرضت عقوبات على أنظمة وإلى يومنا هذا مازالت تتطور وتتقدم بل وتعقد صفقات كالذي يحدث بين إيران وروسيا والصين، ففي النهاية لا مجال لأمريكا والغرب سوى هذين الخيارين وكل خيار أصعب من الآخر فالأول سلمي والثاني مدمر.