مؤخراً تناقش معي معد أحد البرامج بإحدى القنوات البريطانية بشأن أمور داخلية معنية بالبحرين وتتناول قضايا الإرهاب والتخريب، والمنحى الذي أخذ يتجه لناحية «وجوب» إطلاق سراح من يمارس الإرهاب بدون محاكمة ولا قيد ولا شرط، وكأن شيئا لم يكن!

قلت له إن المؤسف حينما يأتينا شخص يريدنا أن نكسر قوانيننا ونتهاون مع الإرهاب، وهو بنفسه في بلاده لا يمكنه فعل ما يطلبه منا إطلاقا، بل بلاده تقوم بنفس إجراءاتنا بتشدد أكثر، وعليه طلبت منه الاستماع جيدا لما تقوم به بلاده، قبل أن يأتي و»يتفلسف علينا».

للمرة المليون نقول إنه في بريطانيا تنشر الأجهزة الأمنية قرابة خمسة ملايين كاميرا في كل الشوارع والطرقات، وهي مسألة لا يخفيها البريطانيون أبدا، بل يذكرونها على الدوام.

في إحدى المحاضرات لخبير بريطاني في مجال الأمن الدبلوماسي أوضح أن بريطانيا وهي الدولة التي يضرب بها المثل في الديمقراطيات واحترام الحريات لا يتم فيها التهاون أبداً أمام الأمن المجتمعي، ولذلك توجد هذه الكاميرات لضبط أي عمليات إخلال بالأمن والسلم المجتمعي إضافة إلى اكتشاف عناصر التخريب ومن يقوم بممارسات خاطئة تستوجب المساءلة أمام القانون.

وفي رده على سؤال بشأن الإجراءات التي تمت خلال أحداث الفوضى والتخريب في لندن، وكيف أن الحكومة تعاملت بصرامة وحزم مع المخربين، بل وصلت إلى نشر صور المتهمين والضالعين في أعمال التخريب في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والتوعد بحرمانهم من أي امتيازات توفر كحق للمواطنة، بين أن مسألة الأمن القومي تقف أولا كأولوية أمام أي اعتبار آخر، بالتالي حينما تتعدى مجموعة من الأفراد على القانون ويقومون بما يمكن توصيفه تحت وصف الإرهاب والتخريب فإن هؤلاء بالتالي يتخلون في مقام أول عن حقوقهم كمواطنين باعتبار أنهم أخلوا بواجباتهم تجاه الوطن.

أكبر كارثة يمكن أن تحصل في بريطانيا أن يقوم شخص أو أفراد بالاعتداء على أفراد الشرطة، أو أن يتم استهدافهم بهدف قتلهم أو إصابتهم، العقوبات هناك مغلظة وخاصة إن ارتبطت التجاوزات باستهداف من مهمتهم في الأساس تثبيت دعائم الأمن.

من يقوم بارتكاب الأعمال المجرمة في القانون البريطاني هو ليس ذا أهلية ليطالب في مقام أول باحترام حقوقه، حقوقه بكل بساطة تسقط إلى أدنى المستويات أمام حجم الجرم الذي ارتكبه، ومع ذلك تمنح له الفرصة للدفاع عن نفسه أو توكيل محامين عنه، لكن التشديد يكون في التقاضي باعتباره أخل بواجباته تجاه المجتمع، وعليه أن يدفع «الضريبة» بالقانون تجاه هذا المجتمع في المقابل، وأن يحاكم بموجب الحق العام والخاص، من دون أن يسقط الحق العام مهما كانت الدفوعات ومهما كانت المرافعات؛ فالجريمة وقعت والعقاب لا بد من أن يطبق بناء على مستوى الجرم.

بيت القصيد أن من ينتهج هذه الأساليب لديهم يحاسب بموجب القانون من دون أي تراخ، كونه منح نفسه صلاحية التعدي على حريات المجتمع والوصول إلى مرحلة التخريب وإشاعة أجواء الإرهاب. هذا عرف ثابت تطبقه أي دولة تحترم القوانين وتلتزم بتفعيلها لا إبقائها في الأدراج.

فأي غريب وأجنبي، رجاء لا تطالبنا بتطبيق أمور لا تطبقها دولتك، وخاصة عدم محاربة الإرهاب وإقلاق أمن المجتمع والناس.