يحدث كثيراً أن يخرج على العامة من يروي لهم تفاصيل «لقاء سرى» حصل مثلاً بين مسؤول أمريكي كبير ومسؤول عربي كبير في بيت أحدهما، ولا ينسى، لتأكيد مصداقيته، أن يذكر جانباً مما دار بينهما من حديث لا علاقة له بالموضوع الذي التقيا من أجله أو يصف مكونات الغرفة. العامة يتداولون الخبر ويعتبرون كل ما قاله ذلك الراوي حقائق لا تقبل المناقشة. لا يلتفتون إلى أن اللقاء كان سرياً وأن أحداً، غير الله سبحانه وتعالى، لم يكن ثالث المسؤولين الكبيرين، وبالتالي لا يطرح أحد السؤال حول مصدر المعلومة ويتناقلونها وكأنهم كانوا من حاضري اللقاء. طبعاً من غير المعقول أن يكون أحد المسؤولين الاثنين هو مصدر المعلومة، ومنطقاً كان الأولى أن يجتمعا جهراً طالما أنهما سيفشيان ما دار بينهما.

في السياق نفسه يعمد البعض إلى نشر معلومات يعلم جيداً أنها غير صحيحة عن وجود خلاف بين أطراف الحكم في هذه البلاد العربية أو تلك ويتم بعدها بناء السيناريوهات التي آخرها توسع الخلاف وانتصار طرف وهزيمة آخر.

المثير أن مثل هذه المعلومات التي يتم اختلاقها من قبل أولئك تجد من يصدقها حتى بين الذين يحظون بشيء من العلم والمعرفة، فيبنون عليها آمالاً ويتصورون النهايات التي لا تتوفر إلا في أحلام اليقظة، والمثير أكثر أنهم يساهمون في نشر تلك المعلومات وتأكيد دقتها ولا يسمحون لأنفسهم التفكير في مصدرها وكيف يمكن أن تتسرب من لقاء أريد له أن يكون سرياً بين اثنين لم يحضره ثالث !

من الحقائق التي ينبغي أن يدركها جيداً كل من يتلقى الأخبار والمعلومات أن اللقاءات السرية، حتى تلك التي يحضرها أكثر من اثنين، يظل كل ما دار فيها سرياً وأن المسؤولين في كل بلاد العالم لا يسمحون بتسريب أي معلومة إلا إن كانت لهم فيها مصلحة. عدا ذلك فإنه كذب وضحك على الذقون.