شهر ترتقبُه الأنفس وتفيض فيه أحاسيس البهجة، يستعد الجميع لاستقباله بشتى الطرق، بزينة البيوت والشوارع واللباس التقليدي، وإعداد مؤنة المطبخ وهدايا التبريكات، وتجديد سجادات الصلاة وتعطيرها بأزكى الطيب والبخورات، واقتناء أجمل العبايات.
شهر أُقرّت فيه العبادات من صيام وقيام وزكاة فأَقرَت حسن العادات من تقارب وتراحم وتلاحُم واجتماع وتزاور، وخطّت منهج حياة يسودها النظام، تنشط فيها الحركة وتشحن فيها الطاقة الإيجابية، فتتكامل في إطارها الأعمال والوظائف، بين واجبات العمل وشعائر الشهر من صوم ومختلف العبادات من غير الفرائض، منها صلاة التراويح والقيام، والتهجد إضافة إلى الاعتكاف وقراءة القرآن، مما لا يتسنى في سائر الشهور والأوقات.
شهر يجمع بين الأهل ويوحد أوقاتهم ليجلسوا على طاولة الإفطار في وقت واحد، فتتعزّز الألفة وتزخر الذّاكرة بأحلى المواقف والأوقات، بل وكذلك يوحد بين أوقات أفراد المجتمع الواحد، فتمتد أكثر أواصر اللقاء والتّزاور والتقارب وتبادل أطباق الطعام في ظل نظام حياة وتوقيت متناغم.
شهر العطاء والكرم تجود فيه الأنفس بالخير وتتصدّق وتهمّ بمدّ يد المساعدة والمؤازرة لكل معوزٍ، ولا تبخل بالصّفح، ولا تشحّ عن العفوِ، فتُسامِحُ، فهو شهر الخير، فقد اختصه رب الأرض والسّماوات بوافر الرّحمات، إذ نزّل فيه رب العزّة القرآن العظيم ليكون للعالمين شرعاً ومِنهاجاً.
فالحمد لله أن بلغنا شهر رمضان بنعمة منه وفضل، ونحن بخير وعافية وأمن ومستقر الحال، فهو سبحانه أهل الحمد والفضل.