بمناسبة إطلاق اسم جلالة الملك حفظه الله على أحد شوارع مدينة كهرمان مرعش التركية تعبيراً عن شكر الشعب التركي لمواقف جلالة الملك حفظه الله الإنسانية وفزعتة لأهلهم الذين تضرروا من الزلزال، تذكرت أن لجلالته ولمملكة البحرين مساهمات إنسانية عديدة تحدد دورها وحجمها الدولي، فهذا أكبر أثر يساهم في تحديد حجمك الإنساني كقائد وحاكم وهو أن تكون نافعاً وعوناً للآخرين وحاضراً لهم في الملمات وأن يكون أثرك الإنساني متجاوزاً حدود دولتك.

وكنت قد استمعت إلى قصة جميلة تبرز الجانب الإنساني لجلالة الملك وهي أنه قبل سبعة عشر عاماً تحديداً في عام 2006 عرضت الدكتورة ندى حفاظ وكانت وزيرة للصحة آنذاك على جلالة الملك فكرة تقديم دعم لأطفال العراق الصم لزراعة القوقعة، وقد كان المركز حديثاً في البحرين وقائماً على كوادر بحرينية مائة في المائة، واستجاب جلالته فوراً واستضاف الديوان الملكي في مملكة البحرين 12 من أطفال العراق منهم طفلة صغيرة كانت تبلغ من العمر حينذاك تسعة أعوام وتمت العمليات بنجاح وعاد الأطفال إلى وطنهم معافين وقد ردت لهم حاسة السمع.

ما وجدته من تلك القصة القديمة أن فريقاً طبياً بحرينياً تفرغ بأمر من جلالة الملك لمعالجة الأطفال العراقيين، وقد كانت عمليات زراعة القوقعة -ومازالت- مكلفة تزيد قيمتها عن 18 ألف دينار للعملية الواحدة، وقد صرح رئيس فريق جراحة زراعة القوقعة، أحمد جمال للصحافة في 10 أكتوبر 2006 بأن الفريق الذي يضم جراحي زراعة القوقعة أحمد جمال، وعبد الرحمن غريب، قاما بالمعاينة الطبية للأطفال في العيادة، بمتابعة من رئيسة الدائرة، لبنى جناحي وشارك في استكمال الفحوص أعضاء الفريق: اختصاصي طب السمع عبد الكريم بوعلاي، واختصاصي أول علاج النطق عمر ياسين الشريف، واختصاصي أول علاج النطق رجاء العيد. وذلك لاستكمال إجراءات التقييم الطبي والجراحي وتقييم السمع والنطق لأغراض زراعة القوقعة، وطلب فحوصات الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي، إذ وافق رئيس قسم الأشعة عبد الحميد العوضي على الترتيب السريع لهذه الفحوصات.

ما ذكرني بهذه القصة أن الفتاة ذات التسعة أعوام احتاجت إلى قطع غيار للقوقعة فأرسلت إلى الصيدلية التي كانت الوكيل لتلك الأجهزة، وهي صيدلية الحمر؛ لأن الشركة الأصلية ما عادت تصنع هذا النوع وبالصدفة كانت تلك القطعة متوافرة عندها فأرسلوها إليها.

والدة الفتاة أرسلت رسالة جميلة تشكر فيها جميع من ساهم في مساعدة ابنتها التي عاد لها السمع.

السلام عليكم

أنا والدة.....

شكراً من أعماق قلبي ولا تجزيكم كل كلمات الشكر غاية امتناني وودي لك يا من صنعتم لي هذا المعروف لن أنسى كرمكم يا أهل البحرين لما فعلتموه من أجل ابنتي حين جئتكم بها وهي تبلغ من العمر 9 سنوات كنت فاقدة الأمل أن تسمع ابنتي وتتكلم وتواصل حياتها مثل باقي البنات وبدا كرمكم من ملك البحرين أكرمه الله وجزاه عنا خير الجزاء وتواصل هذا الكرم متمثلاً بشخص كل فرد ساعدنا من المطار إلى المستشفى إلى الفندق ولن أنسى ما حييت الدكتور أحمد جمال والدكتور عبدالرحمن والأخت الفاضلة ليلى الإصبعي ولا أستطيع أن أتكلم عن الأخت الفاضلة الست رجاء وما فعلته من أجل ابنتي وأطفال العراق الذين كانوا معنا في الوفد العراقي.

وها أنت الآن تكمل مسيرة الكرم هذه جزاك الله عنا وعن ابنتنا خير الجزاء وجعلها في ميزان حسناتك أنت وكل من سعى في هذا العمل وسأظل أدعو لكم بظهر الغيب ما حييت.

أفتخر أنني تعرفت بكم يا أهل البحرين وكلما أنظر إلى ابنتي التي أصبحت شابة وتخرجت من الجامعة في كلية الصيدلة بفضل الله أولاً وفضلكم ثانياً أدعو لكم من أعماق قلبي أن يحفظكم ويسهل أمركم ويرزقكم الصحة والعافية والستر والسعادة وأن يعطيكم حتى يرضيكم ويجزيكم الجنة بحسن صنيعكم .

فائق احترامي.

تحياتي لكم. «انتهى».

تلك الحكاية من أجمل ما سمعت، سألت نفسي كم من عمل إنساني قام به جلالة الملك حفظه الله مثل هذا ولا نعرف عنه الكثير؟ ماذا لو تتبعنا هؤلاء وما آلت إليه الأحوال وأجرينا لقاء لهم مع الطاقم البحريني الذي ساعدهم حين كانوا أطفالاً لنعرف من هي جميلة البحرين.

الحرس الوطني والمؤسسة الملكية والأطباء وكثير من المؤسسات الخاصة والجمعيات الخيرية وغيرهم كانت دائماً رهن إشارة جلالة الملك الذي يفزع دائماً لأي احتياج إنساني يسجل باسم البحرين؛ لأنه يعلم أن ذلك ما يحدد مكانته كحاكم وما يحدد مكانة بلده الدولية، ودائماً ما يستجيب له شعب البحرين الذي تميز كمليكه بميزة التراحم الإنساني الجميل. تلك قصص تستحق أن تروى فهي التي تعطي لمملكة البحرين شهادة امتياز «كفو».