مؤسف أنه لايزال أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة وفي ثورة» يعتقدون أن المنظمات الحقوقية الدولية قادرة على مساعدتهم على تحقيق ما يفكرون فيه ويحلمون به وأنها تستطيع أن تفرض رأيها على الدول وتحاسبها. من الآخر فإن الاجتماعات التي تعقدها تلك المنظمات لا قيمة لها سوى في أنها توفر الفرصة لأولئك وأمثالهم كي «يفضفضوا ويشعروا أنهم قاموا بفعل يسهم في شعورهم بالرضا عن أنفسهم»، ذلك أن كل الذي يحصل في تلك الاجتماعات لا يعدو الكلام؛ المنظمات تسمع منهم كلاماً وتؤازرهم بإصدار البيانات التي لا تلتفت إليها الدول ولا ترد عليها وسرعان ما تنسى.

الحقيقة التي ينبغي أن يدركها أولئك جيداً هي أن تلك المنظمات لا تستطيع أن تفرض شيئاً على الدول وهي ليست السبيل لإيجاد الحلول لأي قضية حيث الحلول تتوفر في الداخل وليس في الخارج وليس لدى الجهات التي لا علاقة لها بالأمر. الحلول إن لم تأتِ من الداخل لا تؤدي إلى إغلاق أي ملف عالق ولا تفيد.

لو أن لتلك المنظمات القدرة على فرض رأيها على الدول لتمكنت من مساعدة الذين يعتقدون بقدراتها في السنوات الماضية، ولو أن أحداً تفرّغ لإحصاء البيانات والتوصيات التي صدرت عن تلك المنظمات في كل تلك السنين وتتبّع ما آلت إليه لتوصّل إلى نتيجة مفادها أنها تتكرر وخالية من كل قيمة.

التقدير أن رأي دول العالم هو أنه لا بأس أن تعقد تلك المنظمات تلك الاجتماعات والمؤتمرات على مدار السنة ولا بأس أن يقول المشاركون فيها ما يشاؤون قوله ويعبرون عن أحلامهم وأن يصدر عنها وعنهم التوصيات والقرارات طالما أن كل ذلك لا يخرج من مساحة الكلام، ولهذا فإنها لا تلتفت إلى تلك المنظمات ولا تضيّع وقتها في قراءة ما تنتجه من بيانات. والتقدير أن على أولئك الذين يؤمنون بقدرة تلك المنظمات أن يراجعوا أنفسهم ليتبينوا الأرضية الرخوة التي يقفون عليها.