تشكيك البعض في التزام إيران بالاتفاق الأخير مع السعودية أمر طبيعي، فالجميع يعرف أن المسيطر على مقاليد الأمور في إيران هو الحرس الثوري الذي تحدث عنه وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف في كتابه الذي لخص فيه مشواره الدبلوماسي وذكر فيه أنه أعاق الكثير من جهوده وأنه المتحكم في وزارة الخارجية بل وصل حد الإساءة له شخصياً والتشكيك في نواياه واتهامه بالعمالة لأمريكا التي تخرج من جامعاتها وشغل فيها منصب المندوب الدائم لإيران في الأمم المتحدة لسنوات. هذه حقيقة، الحقيقة الأخرى هي قول وزير الخارجية السعودي بعد يومين من إعلان الاتفاق «إن الاتفاق لا يعني حل جميع الخلافات العالقة مع إيران ولكنه دليل على الرغبة المشتركة لحل الخلافات عبر الحوار والدبلوماسية». ولأهمية الأمر عمد العديد من المراقبين إلى رصد ما نشر في الصحف الإيرانية في الأيام التي تلت إعلان الاتفاق وقالوا إنهم وجدوا فيها ما يؤيد قناعتهم بعدم تمكن إيران من الالتزام بالاتفاق لأن الحرس الثوري وفيلق القدس غير راضين عن الخطوة وسيفعلون كل ما بوسعهم لإعاقتها وإن التيار الأصولي بدأ هجومه على شمخاني الذي وقع الاتفاق والمطالبة باستقالته وإن هذا يعني أن إيران لن تخفف من أنشطتها التخريبية في المنطقة وستواصل عملية التدخل في شؤون الآخرين وخصوصاً دول الجوار، ما يعني، حسب وجهة نظرهم، أن الاتفاق سيموت سريعاً. هي نظرة تشاؤمية لكنها ليست بعيدة عن الواقع، فأثر الفأس الإيراني متوفر في كل دول المنطقة وهذا يكفي للاعتقاد بأن التعاهد مع إيران غير ممكن. لكن لأن كل هذا وغيره لم يكن غائباً عن السعودية وسياسييها لحظة التوقيع على الاتفاق ولا عن الصين التي لن تقبل بإفشال جهدها في هذا الملف لذا فإن هذا يدفع إلى الاعتقاد بأن مساحة التفاؤل ستظل أكبر من مساحة التشاؤم وأنها هي التي ستنتصر، رغم تربص الحرس الثوري وسعيه لإفشال الاتفاق.