العنف الذي لا يتوقف في فلسطين بين الفلسطينيين والإسرائيليين لا توقفه بيانات الشجب والإدانة والاستنكار ولا الوساطات الشفهية التي غايتها تسجيل موقف والقول إن أصحابها قاموا بمسؤولياتهم وواجبهم ولا توقفه حتى قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن. هذا العنف يتوقف وينتهي فقط عندما يتم التحرك بشكل عملي في اتجاه جعل فكرة إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية حقيقة على أرض الواقع.

واقع الحال يؤكد أن الفلسطينيين لا يستطيعون مهما فعلوا أن ينتصروا على الإسرائيليين لأنه ببساطة إسرائيل دولة قوية وتزداد قوة وهي مدعومة من الولايات المتحدة ومن العديد من الدول الغربية، وواقع الحال يؤكد أيضاً أن إسرائيل لا تستطيع أن تهزم الفلسطينيين مهما فعلت ومهما قست وآذت وقتلت منهم لأنهم أصحاب حق ولا يمكن أن يتنازلوا عن حقهم خصوصاً بعد كم التضحيات التي قدموها خلال السبعين سنة ونيف الماضية. هذا يعني أن استمرار الطرفين في العناد وعدم اتخاذهما قراراً بوقف العنف وحل المشكلة من جذورها نتيجته الطبيعية استمرار العنف الذي لا يولد غير العنف واستمرار الطرفين في خسارتهما.

لا مفر من القبول بحل الدولتين، ولا مفر من الجلوس إلى الطاولة وتقديم التنازلات، فهذا هو السبيل الوحيد لوضع نقطة في نهاية سطر هذه القضية التي إن بقيت مفتوحة لا يمكن للمنطقة أن تشم رائحة الاستقرار ولا تذوقه وبالتالي لا يمكن أن تحدث التنمية التي تنشدها كل دول المنطقة.

اختيار السير في هذا الطريق بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين هو بمثابة اجتراع السم، لكن اجتراع السياسيين من الطرفين السم لمرة واحدة أو حتى مرات أفضل من الخسارة التي يتكبدها الشعبان يومياً وأهمها خسارة النفس البشرية التي وفرت الكتب السماوية العديد من سبل حفظها، ووفرت الشرائع الموضوعة من البشر الكثير من الأفكار لحفظها أيضاً أولها وأوسطها وليس آخرها التسامح المفضي إلى التعايش.. التعايش الذي من دونه يستمر العنف ويستمر ضياع الأمن والأمان والاستقرار والتنمية، وتنتهي الحياة.