هذا سؤال مهم أيضاً، يقترن بموضوع زيادة الرواتب الذي تطرقنا إليه أمس. إذ اليوم تطلعات الناس مرتبطة بعمليتين مهمتين، الأولى معنية بزيادة دخلهم لتحسين المعيشة في ظل التضخم وارتفاع الأسعار. والثانية مرتبطة بفرص العمل المتاحة والأولوية بشأنها أن نقلل عدد الأجانب في القطاعين العام والخاص بإحلال البحرينيين المؤهلين والأكفاء.

ملف «البحرنة» محور حديث دائم، والأرقام التي تنشر تبين الحراك في هذا الملف مع ردود فعل متباينة. وهناك معيار مهم لا بد من أن نثبت تحسينه بالأرقام المتحققة على أرض الواقع، وهو المعني بعملية «الإحلال» والتخطيط الصريح لإبدال كل أجنبي بمواطن يمتلك نفس القدرات والمؤهلات لشغل هذا الموقع.

الذرائع بشأن «ندرة التخصص» أو «استجلاب الخبرات» حتى لو تم القبول بها في فترات سابقة، لكنها اليوم إن تكررت فإنها تعني عدم نجاح في «صناعة البديل الوطني»، إذ لا بد من أن يدرك الأجنبي لو كان خبيراً في مجاله أن وجوده في أي مكان عمل وأن مهمته تتضمن تأهيل «المواطنين المؤهلين» ليحلوا معهم، إذ هم «الدائمون» وهو «المؤقت» المرتبط بعقد إلى أجل مسمى.

لكن الملاحظ أن كثيراً من الأجانب يفضلون الاستمرار في العمل خارج بلدانهم، ولهذه الرغبة عوامل عديدة كلها ترتبط بما يحصلون عليه من رواتب ضخمة وبدلات تغطي السكن ودراسة الأبناء والتذاكر وفواتير الهواتف والسيارة وحتى اشتراك النادي الصحي، وهي أمور لا تقدم للمواطن، بما يعني أن وجود المواطن كبديل للأجنبي «يوفر» كل هذه المصروفات أعلاه.

وهنا نقول إن عمليات تطوير الكوادر الوطنية وابتعاثها وتدريبها والارتقاء بمستويات الكفاءة لديها، كلها أمور تحصل باعتبار أنها «توجه صريح» للحكومة، ما يعني أن «البديل» موجود بالتأكيد، فقط يحتاج الأمر لمنحهم الثقة والاقتناع أولاً بأن وقت الأجنبي لا بد من أن ينتهي طالما البديل متوافر.

هنا الموضوع يتعلق بالإرادة في إدارة أي قطاع كان، طالما وضعنا «المواطن أولا»، وهو الأمر الذي تؤكد عليه بلادنا دائماً باعتبار ابن الوطن هو «الثروة الحقيقية» فإن العمل بناء على هذا المنطق سيجعل سياسة «الإحلال» ناجحة ويشار لها كنموذج ناجح.

الآن لا بد من أن نرى ما يحصل من تحركات وتوجهات في هذا الخصوص، والحق يقال إن الراصد والمتتبع لعمل كثير من القطاعات سواء الحكومية أو القطاع الخاص سيدرك أنه في حالة وجود -من في مواقع القرار في أي قطاع- من يؤمن بأفضلية المواطن ومن يبحث ويسعى لرصد «البديل الوطني المؤهل»، فإنك سترى كيف يتم منح المواطن حقه عبر أخذ فرصته في شغل منصب كان يشغله أجنبي «بشكل مؤقت» يفترض.

بالتالي التحية لكل قطاع يضع موضوع تمكين الطاقات البحرينية، وخاصة الشباب، ومنحهم الثقة في تولي المناصب، والتي بعضها كان يتولاها أجانب بذريعة أن لا بديل لهم، إذ هذا التوجه الصحيح هو الذي يثبت لك أن البحرين «ولادة» وأن أبناءها يمتلكون مستويات متقدمة ولديهم قدرات وكفاءة تغنينا عن استقطاب الخبرات من الخارج.

الخلاصة لو رصدنا كل وظيفة يشغلها أجنبي، وبحثنا في صفوف البحرينيين عمن يمكنه شغلها باقتدار، صدقوني سنجد الكثيرين.