أين اختفت ألعابنا الشعبية التي كنا نمارسها صغاراً؟ ولماذا لا يمارسها أطفالنا اليوم؟

في العديد من دول العالم تعتبر الألعاب الشعبية جزءاً من التراث الوطني الذي تتم المحافظة عليه وتعليمه للصغار باعتباره جزءاً هاماً من الذاكرة الوطنية، وتقام لها المناسبات والحفلات التقليدية كل عام.

فالإنسان كلما تقدم به العمر يحن إلى طفولته وصباه، وإلى شقاوته ومرحه ولعبه التي كان يمارسها مع أقرانه ممن كانوا في نحو سنه آنذاك.

ولأني بلغت حوالي ثلاثة وسبعين من العمر الآن، فإن ذاكرتي لم تشخ ولم تتأثر -والحمد لله- فمازلت أتذكر أصدقاء الطفولة وأسماءهم.. منهم من لايزال على قيد الحياة ومنهم من رحل إلى الدار الآخرة، كما أنني مازلت أتذكر الألعاب الشعبية التي كنا نلعبها سوياً قبل أكثر من ستين عاماً والتي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من أهم عناصر التراث البحريني، وجزءاً لا يتجزأ من نسيج المجتمع وتكوينه الثقافي والحضاري.

ومن أهم هذه الألعاب الشعبية عند الأطفال الذكور لعبة الدوامة ولعبة الدحروي ولعبة التيلة.. وهي على عدة أنواع مثل النطاع والصف والكونة ولعبة لجدير ولعبة الكيرم.

أما البنات الصغار فلهن ألعابهن الخاصة بهن وأهمها لعبة المدود ولعبة السكينة ولعبة البروي ولعبة الخبصة.

وهناك ألعاب ارتبطت بشهر رمضان المبارك كالصعقير والظلالوه والخشيشة والقلينة والماطوع والسكينة والخبصة، الكثير منها كانت موسمية وتحديداً رمضانية، لا تلبث أن تختفي من أجنداتنا اليومية وننتظر قدوم رمضان المقبل، ليعود محملاً بكل هذه الألعاب، وكأنها ظاهرة المسحر وكاب الهريس وبادية الثريد.

وقد شاعت الألعاب الشعبية في عموم الخليج بين الصبية والفتيات وحتى الرجال والنساء في أوقات الفراغ في حقبة ما قبل النفط، حيث كان اللعب يمارس في الأحياء والفرجان، وفي الساحات وعند ساحل البحر، واشتهرت الكثير من الألعاب الشعبية الخليجية عند العرب قديماً وذاع صيتها..

ويؤمن أهل الخليج أن للألعاب الشعبية فوائد جمة، يوجزونها في قدرتها على تعويد الصبي أو البنت الاعتماد على النفس، وحب المعرفة، وتشجيعه على الحماس والحركة، وتنمية قدراته البدنية، ومساعدته على التفكير السريع والابتكار مع تنشيط الذاكرة، وغرس المعاني الحميدة لدى النشء وتعويدهم على الصبر والمثابرة، كما أن الألعاب تعتبر علاجاً نفسياً ينمّي روح الفريق والجماعة بين الصبية والفتيات.

والألعاب الشعبية عامل مساعد في انتقال العادات والتقاليد والمعارف بصورة طبيعية وتلقائية من جيل لآخر، ومن خلالها يظهر إبداع أطفال البحرين ومواهبهم رغم الظروف القاسية التي كانوا يعيشونها. ولعدم وجود أية وسائل للتسلية أو الترفيه في السابق، فكر طفل البحرين واخترع ألعاباً من المواد الأولية المتاحة له، فصنع نماذج للمراكب الراسية على شاطئ البحر، و«المواتر»، أي السيارات ذات النماذج التي تبهر عقل طفل اليوم، والهواتف من العلب الفارغة، والمراوح من أغصان النخيل وسعفها.

فهل نأمل من الجهات الرسمية والأهلية المحافظة على هذا الموروث الشعبي من الضياع؟!!