الفارق بين ما تقوم به الحكومة وما يقوم به أولئك الذين يعتبرون أنفسهم "معارضة وفي ثورة" هو أن الحكومة تترجم ما تقول إلى عمل يلمسه الجميع بكل حواسهم وينتج مفيداً بينما يترجم أولئك كلامهم إلى كلام، فأفعالهم ليست إلا الكلام والكلام فقط، لذا فإنهم يفقدون في كل يوم العديد من الذين تمكنوا لسبب أو لآخر السيطرة على عقولهم وجعلهم متعاطفين معهم لبعض الوقت، وهذا يعني أنهم بدلاً أن ينفعوا الذين وثقوا فيهم يربكون حياتهم ويضيعون مستقبلهم. وباختصار فإنهم باكتفائهم ترجمة كلامهم إلى كلام يخسرهم بينما تزداد ثقة المواطنين في الحكومة لأنها تقول كلاماً وتترجمه إلى أفعال تشغل حيزاً في أرض الواقع. وهذا يعني أن الحكومة تعمل وهم لا يعملون، وإن عملوا فإن عملهم لا يكون إلا كلاماً، والكلام في هذه الحالة لا يسمن ولا يغني.

الحكومة لا ترفع الشعارات ولا تضيع وقتها في تأليفها بينما يقضي أولئك جل وقتهم في تأليف وترديد الشعارات التي لم تحقق حتى الآن ولن تحقق ما ينفع الذين يعانون اليوم بسببهم بعدما أوهموهم بأن الأمر ليس إلا صبر ساعة.

هناك أمر آخر، فأولئك الذين اختاروا الخارج موئلاً ويعتبرون أنفسهم قياديين لا يزالون دون القدرة على التفريق بين الممكن وغير الممكن ويعيشون الفراغ. من ذلك على سبيل المثال لا الحصر دعوتهم من لا علاقة لهم بهم ولا بالأمر ولا تسمح لهم وظائفهم ومهامهم إلى اتخاذ موقف من هذا المسؤول أو تلك المؤسسة وإصدار الإدانات ويتعاطفون معهم، وهو أمر يوفر مثالاً جديداً على أنهم غريبون على العمل السياسي ودخلاء عليه.

كل ما "يقومون" به من كلام وما يرفعونه من شعارات لا قيمة لها في أرض الواقع ولا يخرجهم من المأزق الذي أوقعوا أنفسهم فيه بسبب سوء تقديرهم لعواقب الأمور.

الحل في الداخل وهو لا يأتي بالكلام وإنما بتوفير المثال العملي على صدق النوايا.