أنماط الحياة وأنماط السلوك البشري لا شك بأنها تتغير مع الزمن، لذا فكل فترة نسمع عن أشياء تدخل باب الغرابة والعجب!! ولكن مؤخراً أثار انتباهي الجدال الحاد بين شخصين؛ الأول ارتأى أن يتجه نحو الحياة النباتية الخالية من كل أنواع اللحوم وحتى البيض ومشتقات الحليب، وهم ما يطلق عليهم اسم "فيغان".
فكان يتحاور بأسلوب متعالٍ وجارح مع صديقه الذي قرر أن يعيش الحياة بكل ملذاتها الغذائية، مستنكراً قراره وكأنه يتناول لحوم البشر!
ولا أخفي عليكم، فقد لاحظت بأن هذا الأسلوب المتعجرف لا يقتصر على ذاك الشخص وحسب، وإنما على الأغلبية الساحقة ممن يتبعون هذا النوع من الأنظمة الغذائية الأحادية. فهم ينظرون على الناس العاديين الطبيعيين في اختيار أطباق الطعام لديهم على أنهم أناس فظّة، قاسية قلوبهم، لا يملكون رأفة أو حنيّة اتجاه الحيوانات التي أُحلّ ذبحها وأكلها من الله عز وجل، وأن متبعي هذا النظام عرضة لأمراض القلب والشرايين والسمنة وغيرها لهذا السبب أعمارهم قصيرة .
في حين أن الصديق الآخر كان ينظر على أن الأشخاص النباتيين هم أكثر شراسة، وإن فرط زراعة المحاصيل الزراعية يضر بالتربة، عدا أن عملية حصاد المزروعات بالمكائن الضخمة تقتل آلاف الحيوانات اللبونة وتطلق غاز ثاني أكسيد كربون أكثر، إضافة إلى أن نقل المنتجات الزراعية بوسائل النقل المختلفة تشكل الضرر الأساسي على البيئة. وأضاف بأن الاعتماد على الأكل النباتي فقط، شأنه أن يؤثر على نمو الأطفال، وأن النباتيين أكثر عرضة للاكتئاب والأمراض المزمنة.. والقائمة تطول.
طبعاً الحوار شأنه أن يضع السامع في حيرة!! ولو أراد أن يلتفت إلى الدراسات والأبحاث لوجد تذبذباً كبيراً من مؤيدين ومعارضين سواء للنظام النباتي أو النظام المتعدد، وأثر كل نظام على الفرد، المجتمع وأيضاً البيئة.
ولكن على المستوى الشخصي فأنا مع حديث رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام: "بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فاعلاً، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه". ويؤكد طبيب أمريكي قائلاً: "إن هذا الحديث يشمل أصول الطب، ولو أن الناس نفذوه ما كاد يمرض أحد"... وأنت من تؤيد؟؟!!