من الحقائق التي يتغافل عنها أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» أن كل الذي يفعلونه منذ أن هل شهر فبراير لا قيمة له ولا يعود عليهم بأي فائدة، ذلك أن المأزق الذي أوقعوا أنفسهم فيه منذ أن اعتبروا أنفسهم في «ثورة» وأعلنوا أنهم يريدون إسقاط النظام وتسببوا في إيذاء البسطاء الذين أوهموهم أن الأمر ليس إلا صبر ساعة لا يمكنهم الخروج منه بالمهرجانات الخطابية والمؤتمرات وتوجيه الشتائم والسباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات السوسة، الإيرانية وتلك الممولة من النظام الإيراني ولا باستجداء التصريحات من مسؤولين أجانب، فالمخرج مما هم فيه اليوم متوفر في الداخل وليس في الخارج وطريقه العقل والتفكير الواقعي وليس الصراخ والبرامج الإعلامية المبالغ في المعلومات التي تروج لها، والأكيد أيضاً أنه لا قيمة لما قاموا به خلال اليومين الماضيين حيث المتضرر أولاً وأخيراً هنا هم المواطنون الذين يدعون أنهم ينتصرون لهم ويعملون من أجلهم، فتعطيل الشوارع تعطيل لحياتهم واعتداء عليها وتعريضهم للخطر.

كل الذي فعلوه ومستمرون فيه لا قيمة له ولا يخرجهم مما هم فيه ولا تفسير له سوى أنهم لا يمتلكون الخبرة السياسية ويتخبطون، ذلك أن النتيجة الطبيعية لتلك الممارسات هي إغلاق السلطة للباب الذي عمدت إلى جعله موارباً سنين عديدة أملاً في أن تأتي اللحظة التي يفيقون فيها من سكرتهم ويتبينون كيف أنهم حلقوا بخيالهم كثيراً وأن الواقع مختلف والداخل مختلف.

من الحقائق التي يتغافلون عنها أيضاً أو لا يدركونها أن المعطيات على الأرض تغيرت وأن الكثير مما كانوا يعتمدونه لتحريض العامة لم يعد أداة مناسبة للتحريض، فما فيه البحرين اليوم من تطور ومؤسسات ومشاريع ترتقي بالمواطنين وتؤسس لمستقبل أبنائهم وأحفادهم يلمسه كل مواطن، والتقدير أن أغلب الذين كانوا يعتبرونه مطالب في 2011 متحققاً اليوم.

لو اختاروا طريق العقل لعمدوا إلى الاستفادة من هذه المناسبة بطريقة مختلفة ولتبين لهم حجم الأخطاء التي يرتكبونها.