الآلاف باتوا الآن تحت العتمة.. منهم من قضى نحبه ومنهم من كان ينتظر يداً تمتد له وتجمعه مع من أحبّه ليجدوا أنفسهم جميعاً في العراء يواجهون حياة قسوتها أشد من قسوة الألم والموت والفراق.

وآلاف ‏العيون منتظرون وبدموع الحرقة مناظر مؤلمة يشاهدون، في حين رجال الإنقاذ الذين قدموا من مختلف الدول العربية بكل عتادهم ومعداتهم يعملون بالساعات الطويلة ويترقبون بصمت أنفاسَ وآهات من يرقد تحت الركام لنسمع بعدها التكبيرات «الله أكبر - الله أكبر» دلالة على إتمام المهمة بنجاح.

‏فالهبّة العربية المتواصلة لدعم تركيا وسوريا من أثر الزلزال والتي يشار لها بالبنان ومحل عز وافتخار ليست بجديدة على الحكومات العربية وحكام دول مجلس التعاون السباقون دوماً لتقديم المساعدات دون انحياز بالرغم من الظروف الاقتصادية الراهنة التي تعيشها البلاد خاصة بعد أزمة كورونا. مع العلم أنه لم تظهر لنا إعانات دول الاتحاد الأوروبي باستثناء «ألمانيا» كما تم فعله في حرب أوكرانيا؟

‏ومع كل ما يحمل الزلزال من كارثة إنسانية وعمرانية إلا أن أعين النصابين لم تنَمْ وبدأنا نشهد الوصلات لتطبيقات إلكترونية لجمع التبرعات المالية فهذه تعتبر لهم فرصة ذهبية، فيرجى التعاون فقط مع التطبيقات الرسمية للبلاد.. ولكن ما يثير القهر، الدهشة والاستغراب أن منطقة شمال غرب سوريا تخضع لسيطرة النظام وهذا يعني أن الإعانات بالمجمل لم تصل لمستحقيها. وتأكيداً على ذلك فقد عبر مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة في حالة الطوارئ منذ يومين في تغريدة على تويتر: «خذلنا سكان شمال غرب سوريا.. إنهم على حق في شعورهم بالتخلي عنهم.. يتطلعون إلى مساعدة ‏دولية لم تصل أبداً.» ‏وشاء القدر أن يكون شمال سوريا عرضة لنزاعات الأطراف المترامية.. وتكون الناس البريئة هي الضحية.

‏حقيقة أنه زلزال زلزلَ ولم يزل يرينا حجم ضعفنا وهو أننا لا حجم قوته، ويذكرنا بأن قوة الله سبحانه وتعالى فوق الجميع ويسمح لنا أن نكتشف الجانب الإنساني فينا أو اللئيم.