في 2005 كانت المرة الأولى التي سمعت بها القصيدة المغناة بصوت أحمد الجميري وألحان خالد الشيخ ومطلعها «إش عليّ أنا من الناس وإيش على الناس مني» بداية شدني اللحن ومع الوقت عرفت الكلمات وما تحمل من معانٍ جميلة وبقيت علاقتي مع الأغنية فقط مع الشطر الأول كنوع من أنواع الرد لأمور أقوم بها ولا تنسجم مع غيري.

ولكن المفاجأة أنها ليست أغنية غزل بحرينية خليجية كما كنت ويعتقد الأغلبية وإنما هي قصيدة تحمل في طياتها العظة والحكم والعبر مقدمة بمفردات من اللهجة العامية الأندلسية. قائلها الشاعر «أبو الحسن الشـشـتري» قبل 700 سنة، وهو من أهل قرية ششتر الأندلسية. عندما قرر حياة الزهد وهو في الواقع ابن لعائلة مفرطة في الثراء، لكنه آثر الفقر وعمد على السكن في الأزقة والشوارع كحال المشردين ولم يكن يلبس إلا الملابس الرثة، وكان مجوّداً للقرآن ضالعاً في العلوم الشرعية ويتجول في الأسواق ويقول فيها أشعاره.. وكلما نظر إليه أحد من العامة مستغرباً حاله وأحواله كان يرد عليهم بأبياته التي أسرت القلوب حينها ولا تزال إلى يومنا هذا:

شويـّخ من أرض مكناس وسط الأسواق يغني «مكناس مدينة في المغرب».

إيش عليَّ أنا من الناس وإيش على الناس مني. أما إيش فهي ليست كلمة عامية كما أغلبنا يعتقد وإنما كلمة فصيحة كانت العرب تستخدمها في أيام الجاهلية.

أيش عليَّ يا صاحب من جميع الخلايق

أفعل الخير تنجو واتبع أهل الحقايق

لا تقل يا بني كلمة إلا إن كنت صادق

خذ كلامي في قرطاس «أي صحيفة» واكتبو حرز عني

فكم نحن بحاجة اليوم إلى أن نسمع الوعظ بأنغام انسيابية علّها تكون لنا هداية ولو من أبيات شعرية.