قد يحل الشخص أولاً في مسابقة ما، أو حتى في مرحلة دراسية معينة، وربما في قطاع معين لعدة سنوات، ولكنه إن لم يطور نفسه، يبدأ نجمه بالأفول، ويتراجع إما تدريجياً، أو كالسقوط الحر من أعلى، ليجد نفسه شخصاً فاقه الزمن بمراحل كثيرة.

الأمر ذاته، ينطبق على الشركات سواء كانت كبيرة أو صغيرة، وعلى الأشخاص والأفراد والمؤسسات وحتى الدول، فنرى تارة دولة كانت تحكم العالم، تعيش في أسوأ ظروفها، ودولة أخرى لم يكن لها صوت يوماً ما، تتحكم بجزء هام من منطقتها.

استمرار التميز هي عملية معقدة جداً، تدخل في مراحل متعددة، أبرزها بكل تأكيد هو استمرار العطاء، وثانيها هو التنبؤ بالمستقبل، ومجرياته، والابتكار المستقبلي، والتحكم بمجريات الأمور، أو على الأقل مواكبتها، بالإضافة إلى تكوين ملاءة مالية كافية ووضع اقتصادي جيد، سواء أكان فرداً أم مؤسسة أم دولة.

الاقتصاد وحده ليس كافياً، كما أن الابتكار وحده ليس كافياً، واستمرار العطاء أيضاً لا يمكنه التصفيق لوحده، وإنما هذه العوامل جميعها، يجب أن تجتمع معاً، لتحقق الرغبات لدى الأفراد أو المؤسسات أو الشركات أو الدول.

شركة نوكيا على سبيل المثال لا الحصر، كانت من أقوى الشركات انتشاراً، وأسرعها نمواً، وأكثرها قدرة على المنافسة، ولكن تراجع الابتكار أضلها الطريق، ووضعها في موقع صعب، وتراجع مستمر، حتى أفول نجمها، ونسيانها على الإطلاق.

المثال السابق أيضاً ينطبق على عدة دول ومؤسسات وأفراد، ويمكن للشخص أن يبحر في ذاكرته أو في بحر التاريخ، ليجد ضالته في الأمثلة الكثيرة على ما ذكرت.

الأهم، هو أننا نستفيد من الدروس التي حولنا، وعدم تكرار الأخطاء ذاتها، سواء أكنا أشخاصاً أم مؤسسات، لكي لا نصبح مضرب مثل آخر في الفشل أو عدم الاستمرارية أو حتى في أفول نجمنا، وحينها سنبذل جهوداً أكبر بكثير، ونستنزف موارد أكثر من طاقتنا، لكي نعود لنواكب الركب، وليس التقدم فقط.

كما يجب أن لا نعتمد على المديح والثناء الذي يكيله البعض لنا في المستوى الشخصي، أو تقارير الإنجاز الوهمية التي يطلقها بعض المرؤوسين أو من هم في محل المسؤولية، والتي تحمل أرقاماً وهمية أو مبررات واهية، ولا تضع يدها على الجرح ولا تشخص الواقع بحذافيره.

آخر لمحة

رحم الله من أهدى إلي عيوبي.