مع الإيمان المطلق بكذب المنجمين ولو صَدقوا، ولكن هذا لا يمنع بأن أظهر فضولي وأشاهد البرنامج الذي يعرض على إحدى المحطات اللبنانية قبل سويعات قليلة من دخولنا السنة الجديدة. البرنامج يشتمل فقرتين أساسيتين: الفقرة الأولى وتتضمن ذكر مقدمة البرنامج للأحداث التي جرت في العام 2022 وتطابقت بما تُنبِئَ به نهاية العام المنصرم والفقرة الثانية توقعات السنة الجديدة على المستوى اللبناني الداخلي وعلى المستويين العربي والعالمي.

حقيقة، إن ما يهمني مشاهدته هو الجزء الأول والمعنون «جردة حساب» الأمر يكاد يكون كـ«أعجوبة»، فمعظم ما تنبأ به الفلكي اللبناني ميشال حايك نهاية العام 2021 حصل جملة وتفصيلاً، قولاً وفعلاً!! هذا الأمر يجعلك بِحيرة وأنت تشاهد هذا الإنسان الذي يتميز بأناقة غير مبالغ بها وثبات انفعالي ذو مستوى رفيع وشخصية واثقة وصوتٍ هادئ رخيم، يُشعرك بأن أحدهم قام بتفريغ المعلومات على أوراقه البيضاء التي يكتبها بخط يده ولا يتعنّى إلى طباعتها، لنستدل بأن معلوماته بتجدد دائم وتحديث. كيف هذا؟!

إنه ليس بمشعوذ كما يسميه البعض ولا استخباراتياً كما يتهمه أغلبهم، وإنما شخصياً أصفه بمحلل ومدقق ومنقب ومستقصٍ للأوضاع التي ذكرها عن كثب ولديه الوعي الكافي بمجريات ما حوله. فإن كنّا نشاهد نشرة الأخبار فإنما هو يقوم بتشريحها وتحليلها ليصل إلى ما بَعدَ الخبر. مع العلم أن كثيراً من المعلومات التي ذكرها لا يوجد أي دلالة على حدوثها قط ولا يتخيل عقل بأنه يمكن أن تحصل ولكنها حصلت!

وبين ما حصل وما سيحصل يبقى أن نكون مؤمنين إيماناً مطلقاً أنه لا يعلم الغيب إلا ربُّ العالمين، وهو أرحم بنا من تكهناتنا التي إن صابت مرة فاحتمال أن تخيب مائة مرّة. وقبل أن ننظر إلى جردة حساب الآخرين وأفعالهم علّنا أن نبدأ من أنفسنا أولاً قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه حسرة ولا ندامة ولا دمعة ولا أنين. وكل عام وأنتم بخير طيبين.. ودمتم بود سالمين.