كثير من الشركات العالمية اتبع مؤخراً نظاماً هجيناً يجمع ما بين العمل عن بعد والعمل في المكاتب ومنها «أمازون» و«أبل» و«أير بي إن بي» وبعضها اعتمد هذا النهج منذ سنوات طويلة مثل «سيتي جروب» ويبدو أن العالم يتجه نحو هذا الأسلوب من العمل خفضاً للنفقات وأهمها إيجارات المكاتب ورغبةً في جعل الموظف ذا إنتاجية أفضل حيث أظهرت بعض الاستبيانات الحديثة زيادة في إنتاجية الموظف في حال أتيحت له فرصة للعمل عن بعد بين فترة وأخرى. وفي البحرين أصدر ديوان الخدمة المدنية الأسبوع الفائت قراراً ينظم العمل عن بعد لن نكتشف تبعاته الكاملة إلا بعد فترة كافية من التطبيق.

وأكثر الإيجابيات المتوقعة من قرار تنظيم العمل عن بعد للموظفين الحكوميين هو تقليل الازدحامات المرورية في ساعات الذروة. فبحكم أن الحكومة تعد أكبر مشغل للمواطنين ويعمل فيها عشرات الآلاف يستقل أغلبهم سياراتهم الخاصة للتنقل من العمل وإليه، فمن المتوقع أن القرار الجديد سيجعل جزءاً لا يستهان به منهم يطلب التحول إلى العمل من المنزل، وبذلك يتراجع الضغط على الشوارع. أمر آخر إيجابي هو أن تنظيم العمل عن بعد قد يكون محفزاً للعديد من النساء اللواتي يشكلن 54% من القوى العاملة في القطاع العام على اللجوء إليه للاهتمام بالأسرة أكثر وقد يشجعهن القرار على الإنجاب أكثر أيضاً طالما ساعات وجودهن في المنزل ستزيد. كما أن نظام العمل عن بعد فرصة للموظف بغض النظر عن جنسه ليجد لنفسه توازناً بين العمل ومتطلبات الحياة الأخرى أو كما يعرف بـWork – Life Balance خاصة إذا شعر بالإجهاد والإرهاق. لكن وكما أن هناك إيجابيات فتوجد أيضاً سلبيات، ولعل هذه السلبيات هي التي دفعت شركات كبرى أخرى للتراجع عن تطبيق نظام العمل عن بعد مثل «جولدمان ساكس» و«نتفلكس»، ومن ضمن السلبيات ابتعاد الموظف عن أجواء العمل والتواصل المباشر مع الزملاء الأمر الذي يضعف من إمكانية تكوين فريق عمل مترابط ومتعاون فالتواصل المباشر من الصعب تعويضه بوسائل التكنولوجيا الحديثة مهما كانت فعاليتها. كذلك، من السلبيات المقلقة هو احتمالية استغلال بعض الموظفين لنظام العمل عن بعد للهو أو إنجاز أعمال أخرى لا تتعلق بجهة العمل. إضافى إلى ذلك - وهو أمر يتعلق بالبحرين تحديداً - سيصبح القطاع الحكومي أكثر جاذبية للعمل وهذا أمر قد يصطدم مع محاولات تشجيع المواطن على الالتحاق بالقطاع الخاص الذي لم يتبنَّ سياسات العمل عن بعد بشكل كبير حتى الآن.