اثنان وخمسون عاماً مرت على انطلاق النسخة الأولى من بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم وما زلنا نحتفظ بخصوصيتها كجزء من إرثنا الرياضي، بل ونعتبرها نقطة الانطلاقة الرياضية في دولنا الخليجية لما أحدثته من «ثورة» رياضية شاملة تخطت حدود المستطيل الأخضر ومدرجات الجماهير لتصل إلى كل البيوت الخليجية التي أصبحت تترقب هذا الحدث الرياضي الوطني كل سنتين وتستقبله بطقوس خاصة توارثتها الأجيال على مر السنين..
ليس هذا فحسب، بل إن «ثورة» كأس الخليج يعود لها الفضل الأكبر في النقلة النوعية للبنى التحتية الرياضية بدول الخليج العربية التي أصبحت اليوم تضاهي ببناها التحتية الرياضية أكثر الدول العالمية تقدما في هذا المجال واستطاعت أن تستضيف كبرى البطولات والدورات القارية والعالمية على أراضيها، ولم تتوقف إيجابيات دورة كأس الخليج عند هذا الحد بل شملت الكفاءات الإدارية في الأندية والاتحادات الخليجية واستطاعت أن تنقلهم من محيطهم الإقليمي إلى الأفق القاري والعالمي حتى أصبح لدينا «اليوم» قادة رياضيون خليجيون يتبوؤون مناصب قيادية في كبرى المؤسسات الرياضية القارية والعالمية، كما أنها ساهمت بقدر كبير في الارتقاء بالإعلام الرياضي في المنطقة حتى وصل إلى ما وصل إليه اليوم من انتشار عالمي.
كل ذلك يعود الفضل فيه إلى دورة كأس الخليج العربي لكرة القدم التي غيرت الكثير من المفهوم التقليدي السائد عن الرياضة عامة وكرة القدم خاصة في منطقتنا الخليجية ولذلك علينا أن نحفظ لهذه البطولة قيمتها وهيبتها ومكانتها الإقليمية ونحميها من كل التيارات التي ما زالت تنادي بإلغائها بحجة أنها استنفذت أهدافها!
نحن على بعد أيام قلائل من انطلاق النسخة الخامسة والعشرين من هذه البطولة الخليجية «الغالية» والتي تستضيفها مدينة البصرة – بعد مخاض طويل وعسير – كثاني مدينة عراقية تحتضن هذه البطولة بعد استضافة العاصمة بغداد للنسخة الخامسة منها في العام 1979 وكل أمنياتنا أن تحظى هذه النسخة بنجاح تنظمي وجماهيري وفني يعزز مكانتها كمناسبة رياضية وطنية أكبر من كونها مجرد بطولة كروية تنافسية ميدانياً.