الهجوم الأمني والعسكري المكثف الذي قام به الحرس الثوري الإيراني ضد المحتجين الذين خرجوا للمشاركة في جنازة أحد الناشطين الذين قتلوا برصاص الأمن في مدينة مهاباد شمال غرب إيران والتي تعيش حالة من الغليان، والقمع الذي اعتبره النظام حقاً مشروعاً له ووفر ما يكفي من فتاوى وأحكام شرعية ليمارسه، والاغتيالات والاعتقالات التي صارت بالآلاف، وسعي أغلب النواب إلى إصدار قرار بحلية إعدام كل من يقف ضد النظام وربما كل من يفكر في التعبير عن رأيه ضده أياً كان العدد، كل هذا تفسيره أن نظام الملالي صار قلقاً بشكل جدي من السقوط وأنه يؤمن أن نهايته باتت قاب قوسين أو أدنى.

يكفي للتيقن من ذلك مشاهدة مقاطع الفيديو التي انتشرت عبر وسائل التواصل وتظهر نشاط المحتجين وعزمهم على ما مواصلة ما بدؤوه وتظهر أيضاً أجواء الأحكام العرفية التي تشهدها العديد من المدن الإيرانية ومنها العاصمة طهران ومدينة مشهد حيث وكر الملالي.

توسع الاحتجاجات بسرعة لافتة معناه أن الإيرانيين كانوا ينتظرون الفرصة ليعبروا عن غضبهم ضد النظام الذي جعلهم يتحسرون على أيام الشاه، ومعناه أنهم لم يعودوا يخافون من عصي الملالي وعماماتهم، ومعناه أنهم يدركون أنهم لو لم يتمكنوا من النظام عبر هذه الغضبة ويستغلوا الفرصة جيدا فإنهم لن يتمكنوا منه أبدا وأن النظام «سيتولاهم ويداويهم».

اليوم وبعد دفع الفاتورة التي قوامها نحو 400 شهيد وآلاف الجرحى وآلاف المعتقلين في شهرين فقط لم يعد لدى الإيرانيين مجالاً للتراجع ولم يعد مطلبهم تخفيف الأزمة المعيشية والاقتصادية والسماح للمرأة بلبس الحجاب بالكيفية التي تريد. اليوم تغيرت الأهداف وصار الشعب الإيراني يعمل بكل ما أوتي من قوة للخلاص من نظام أعاده قرنين من الزمان إلى الوراء و«لعب بحسبته».

نحو 140 مدينة وبلدة تشهد احتجاجات لم يحسب لها النظام الإيراني أي حساب ولم يتوقعها، كما تشهد نحو 140 جامعة احتجاجات لم تخطر على باله.