لم يكن أمراً مستغرباً إعلان المدير التنفيذي للانتخابات المستشار نواف حمزة لنسبة مشاركة الشباب في الجولة الأولى من الانتخابات التي تجاوزت 45%، فهذا يعد نتيجة طبيعية ومنطقية لما أتاحه المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم للشباب من فرص كاملة للمشاركة في الشؤون العامة، فما بالنا عندما يتعلق الأمر بالحق في الترشح والتصويت باعتبارهما حقين كفلهما الدستور لجميع المواطنين.
ومن خلال مراقبتنا للعملية الانتخابية، رصدنا وتابعنا مشاركة الشباب الفاعلة وبكثافة في جميع المراكز الفرعية والعامة، رأينا حراكاً شبابياً بنسب عالية كمرشحين، ومنظمين، ومراقبين، ومشاركين في الدعاية والحملات الانتخابية، فكان أمراً متوقعاً الوصول إلى هذه النسبة التي تعكس زيادة تأثير الشباب في الحياة العامة ودورهم في المجتمع.
إن لهذه النسبة العديد من الدلائل والمؤشرات الهامة التي ينبغي تحليلها والوقوف عندها، فهي من جانب تبين اهتمام الشباب بالعملية الانتخابية، وحماسهم لممارسة حقهم الدستوري في التصويت، وتبشر بالخير لمستقبلٍ واعدٍ للبحرين كونها تساهم في نشر الوعي والثقافة الانتخابية من خلال مشاركة الشاب ومتابعته لكافة مراحل وإجراءات الانتخابات، وكيفية تنظيمها، وآليات التصويت وأساليب اختيار المرشحين.
من جانب آخر فإن ارتفاع نسبة مشاركة الشباب في العملية الانتخابية تعد دليلاً على نجاح البحرين في تنظيم الانتخابات لهذا العام، باعتبار أن ارتفاع نسبة مشاركتهم في انتخابات أي دولة يعد أحد المؤشرات والمعايير لقياس نجاح الانتخابات وتفاعل مكونات المجتمع مع الحراك الانتخابي، فضلاً عن كونها تعد جزءاً من التمكين السياسي للشباب، وتساهم في غرس قيم المواطنة والتغيير الإيجابي وتعزيز الديمقراطية.
وتبين مشاركة الشباب أيضاً أهمية دورهم في تشكيل المجالس المنتخبة وإيصال المرشحين لكونهم يشكلون نسبة كبيرة من الناخبين في كل دائرة انتخابية، خصوصاً إذا ما وضعنا في عين الاعتبار أن انتخابات هذا العام شهدت مشاركة 50 ألف شاب في التصويت لأول مرة لبلوغهم السن القانونية، لذلك نلاحظ اهتماماً منقطع النظير من قبل المرشحين بفئة الشباب وبتخصيص محاور ضمن برامجهم الانتخابية إيماناً منهم بأهمية دورهم.
إن مشاركة الشباب الفاعلة والجدية في الانتخابات إنما هي رسالة بأن الشباب البحريني على قدر المسؤولية، وأن الوقت قد حان لإجراء المزيد من الدراسات لتطوير الأطر القانونية التي تسمح بتخفيض سن الترشح والتصويت، وبشكل يعزز من المكتسبات الوطنية التي تدعم مشاركة الشباب، وتشجعهم على المشاركة في الانتخابات القادمة، خصوصاً في ظل ما شهده آخر عقدين من تنامي الثقافة الانتخابية لدى الشباب وتراكم الممارسات والتجارب، وإنشاء العديد من المؤسسات الرسمية والأهلية التي تساهم في نشر الوعي الدستوري والسياسي، فضلاً عن البرامج التدريبية التي تستهدف تمكين الشباب بمختلف المجالات.