تظهر المشاركة الكثيفة في الجولة الأولى من الانتخابات النيابية والبلدية للعام 2022 حرص المواطن البحريني على استمرار نجاح المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم، وتبين أيضاً رغبته في أن يكون شريكاً فاعلاً في صنع القرار على الرغم من وجود دعوات بغيضة من جهات خارجية للمقاطعة. وقد قال الناس كلمتهم واختاروا من يرونه الأفضل معلنين دعمهم وتأييدهم للمرة السادسة على التوالي للمشروع الإصلاحي ومتجاهلين دعوات النشاز.

ومن أبرز الملاحظات التي رصدت خلال شهر كامل من الحملات الانتخابية أن السواد الأعظم من المترشحين ناقش نفس الملفات وهي ملف الضريبة المضافة وملف فرص العمل وملف التقاعد وملف الإسكان والتي كان بعضها سبباً رئيساً في تراجع شعبية بعض نواب 2018. ومناقشة هذه الملفات أمر متوقع، لكن قليل جداً من سار عكس التيار وطرح مواضيع وقضايا أخرى. ولعل هذا إن دل على شيء إنما يدل على تهاون في البحث والنبش في القضايا التي لا تحظى بتسليط الضوء أو حيزا كبيرا من النقاش العام لكنها في نفس الوقت تؤثر في قطاعات ومجموعات معينة. ويبدو أن المترشحين فضلوا إتباع مبدأ «الجمهور عايز كده»!

وأعتقد أن عضو مجلس النواب القادم يعي أننا نمر بتغيرات كبيرة خاصة في الجانب الاقتصادي بحيث نسير نحو اقتصاد أكثر فاعلية وإنتاجاً وأقل اعتماداً على النفط وهي مرحلة انتقالية تحتاج إلى فهم واستيعاب، فلا مجال للمطالبات القديمة وتضييع الوقت فيها إلا إذا كانت ضرورية للغاية. وهذه المرحلة الانتقالية ليست حكراً على البحرين فقط بل تمر بها أغلب دول الخليج وتسعى للتأقلم معها يداً بيد مع مواطنيها.

والنائب الناجح هو من يتفهم هذه المرحلة ويسعى لتثقيف ناخبيه حولها وحول تبعاتها بالإضافة إلى قيامه بإخلاص بأدواره التقليدية المناط بها وحبذا أن لا نرى كثيراً من نموذج النائب الاستعراضي الذي يطالب مطالبات صعبة التحقيق ويؤجج المشاعر بسبب أو من غير سبب والذي شهدته بعض المجالس النيابية السابقة.

تجربتنا النيابية تجربة خاصة بنا نحن وهي تجربة تسعى للبناء المشترك والتعاون وإيصال صوت الناس بتعقل ودون مبالغات في الطرح وتشنجات وهي لم تكن - ولن تكون - تجربة لتحفيز الصدامات أو تسعى للعرقلة والتعطيل.

ومع كل التوفيق لأعضاء مجلس نواب 2022.