على عكس توجهات جميع البنوك المركزية والسياسات المالية والنقدية حول العالم وبرغم ما يحدث في السوق العالمية وارتفاع التضخم في العالم أجمع والذي بلغ في تركيا ما يقارب 85% إلا أن تركيا تصر على السير عكس التيار من خلال تخفيض أسعار الفائدة والذي يراه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنها شر لابد من التخلص منه ولذلك هو دائم التعليمات للبنك المركزي الذي قام بتخفيضها عدة مرات.

ويأتي الهدف من زيادة أسعار الفائدة هو السيطرة وكبح جماح التضخم من خلال تخفيف السيولة النقدية داخل الأسواق وارتفاع تكاليف الاقتراض. ومع ذلك، فإن هذا التوجه لا يحدث في تركيا، على الرغم من العواقب الوخيمة المحتملة.

ومؤخراً أعلن مصرف تركيا المركزي تخفيض سعر الفائدة بواقع 150 نقطة أساس بعد اجتماع لجنة السياسة النقدية مع المحافظ شهاب كافجي أوغلو. وتراجعت الفائدة من 12% إلى 10.5% بعد ثلاثة تخفيضات متتالية، جاءت بعد تثبيت سعر الفائدة عند 14% خلال آخر سبعة اجتماعات للمصرف.

وتأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقوله من ولاية باليكسير «ما دام أخوكم في هذا المنصب ستستمر الفائدة في الانخفاض مع مرور كل يوم، مرور كل أسبوع وكل شهر».

وفيما يرى المركزي التركي أنه تتم مراقبة آثار التضخم العالمي المرتفع والأسواق المالية الدولية عن كثب. ومع ذلك، فإن موجة ارتفاع التضخم التي تجتاح العالم قد تستغرق وقتاً أطول من المتوقع بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وعدم تطابق العرض والطلب والركود في أسواق العمل.

ومن المتوقع أن ينخفض سعر الفائدة بتركيا إلى ما دون 10% نهاية العام الجاري، وأن يصل سعر صرف الدولار إلى 20 ليرة، الأمر الذي سيزيد من نسبة التضخم وغلاء أسعار المنتجين والمستهلكين. وتبقى التساؤلات المشروعة لماذا هذا الإصرار من جانب الحكومة التركية على السير بعكس التيار العالمي فيما يخص زيادة أسعار الفائدة؟ وهل السعي لإنشاء مركز للغاز الطبيعي المتجه إلى أوروبا وزيادة الصادرات التركية لتبلغ 300 مليار دولار هذا العام والمحافظة على نسبة النمو المرتفعة وخلق فرص العمل وإتاحة مساحة أكبر للاستثمار والاقتراض قادرة على مواجهة زيادة التضخم الذي وصل 85% أم أن زيادة تكلفة الواردات وتراجع قيمة الليرة إلى أدنى مستوى ستكون العقبة أمام هذا؟

الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة على هذه التساؤلات وهل ستنجح السياسات المالية التركية في قلب موازين السياسات والنظريات الاقتصادية أم أن السير عكس التيار العالمي ستكون عواقبه وخيمة؟