أيام قليلة تفصلنا عن أحد أهم الأحداث العالمية هذا العام؛ حين تستضيف أرض البحرين أكثر من 200 شخصية بارزة من قادة الأديان ورموز الفكر في العالم، يتقدمهم البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، ضمن فعاليات ملتقى البحرين.. حوار الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني.

ولاشك أن انعقاد هذا المؤتمر العالمي الإنساني على أرض البحرين، وتحت رعاية جلالة الملك المعظم، يعيد التأكيد على ما تمثله مملكة البحرين من أهمية، وكونها حلقة الوصل في فتح وتعزيز باب الحوار بين قادة الأديان والمذاهب ورموز الفكر والثقافة، وصولاً إلى خلق مناخ عالمي يؤمن بأهمية الحوار والتعايش والسلام بين شعوب الأرض قاطبة، وهي الرسالة البحرينية التي حملها أبناء هذا الوطن جيلاً بعد جيل، وتكرست فيما يملكونه من قيم إنسانية نبيلة، جعلت دائماً محط فخر واعتزاز.

وها هي سفينة الأخوة الإنسانية العالمية ترسو في مينائها الجديدة، أرض البحرين، لينهل العالم الكثير من تجربة هذا الشعب، ويتعرف على قيم هذه الأرض الممتدة لآلاف السنين، والتي كانت ولا تزال نموذجاً فريداً في التعايش بين جميع الأديان والثقافات، لا تميز بسبب دين أو لون أو جنس، حتى غدت منارة العالم وحصناً للباحثين عن الحرية والكرامة.

ولا غرابة؛ فالتوجيهات الملكية السامية دائماً ما تصب في السعي لترسيخ نهج البحرين في التعايش السلمي والحوار الجاد والفاعل والانفتاح على كل شعوب العالم بمختلف أديانهم ومذاهبهم وطوائفهم وثقافاتهم وأعراقهم دون تمييز أو تعصب، مع ضمان احترام حق المعتقد الديني وممارسة العبادات للجميع بسلام وأمان.

هذه القيم الفريدة والإنسانية لم تكن في يوم من الأيام خطاباً أو ترويجياً إعلامياً، بل هي واقع يلمسه كل من تطأ قدماه أرض البحرين، فهذه الأرض لا تزال تقدم دروساً في الإنسانية والتعايش، حيث جمعت مختلف الأديان والطوائف والثقافات والحضارات منذ مئات السنين، كما احتضنت دور العبادة في كل زاوية من زواياها ليمارس أهلها صلواتهم بسلام وسكينة.

«ملتقى البحرين.. حوار الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني»، ليس أول مبادرات مملكة البحرين من أجل عالم إنساني يسوده السلام، ولن يكون آخرها، فقد سبقته مبادرات دولية أبهرت العالم، وعكست بعضاً من صور التعايش والمحبة والسلام في هذا الوطن، إلى جانب مبادرات ومشاريع هدفت إلى تقريب هذا العالم وجعله أكثر أماناً واستقراراً لشعوبه.

لقاء عالمي إنساني على أرض مملكة السلام والخير والمحبة، في وقت أصبحت فيه الحاجة ملحة إلى تعزيز قيم الحوار والتعايش السلمي، نأمل أن يكون بداية لينعم هذه العالم بسكينة طال انتظارها.