تَوَعُّد السلطات الإيرانية المتظاهرين بالتصدي لهم وقول نائب قائد الأمن الداخلي قاسم رضائي إنه «لا مكان للاحتجاج الذي يؤدي إلى الفوضى والاضطراب وانعدام الأمن» مردود عليه، فما حصل هنا قبل عشر سنوات ونيف وأريد به أن يؤدي إلى الفوضى والاضطراب وانعدام الأمن كان بتخطيط وتحريض ودعم من النظام الإيراني، وهذا أمر لا ينساه أهل البحرين وينبغي ألا يغيب عن ذاكرة النظام الإيراني أبداً. إلا إن كان هذا النظام يؤمن بأن ذلك حلال في بلاد الجوار ومختلف دول العالم لكنه حرام في إيران.

لأن النظام الإيراني صار يذوق ما ظل يسعى كي تذوق الدول الأخرى منه أملاً في استعادة الإمبراطورية الفارسية والسيطرة على المنطقة عمد إلى توعد المتظاهرين الذين لم يخرجوا إلا بعد أن فاض بهم الكيل وقرروا التوقف عن السكوت والمواجهة وصار ينشر الاتهامات يمنة ويسرة ويقول إن الغرب ودول أخرى في المنطقة (....) يحرضون الشعب ضده ويريدون الإطاحة به، ووصل إلى حد تهديد المتظاهرين بتطبيق حد الحرابة عليهم.

مختصر ما يحدث اليوم في إيران هو أن النظام صار يذوق ما سعى إلى إذاقته لدول المنطقة وصار يشعر بأن أحلامه على وشك التبدد وأنه لن يتمكن من الاستفادة أكثر من استغلال الدين والمذهب في السيطرة على العامة وإذلالهم، وصار أكثر قرباً من تفهم حقيقة أن الشعب الإيراني قرر أن يتخلص منه، فما تشهده إيران منذ قيام «حماة الأخلاق» بقتل الشابة الكردية مهسا أميني لم تشهده طوال الأربعين سنة ونيف الماضية وهذا يعني أن النظام صار يشعر أكثر أنه في خطر.

قمع السلطات الإيرانية للمتظاهرين وتوعدهم بالإعدام من باب «الضرورات تبيح المحظورات» لن يحميها ولن يخلصها من المأزق الذي وضعت نفسها فيه خصوصاً وأنها لم تبقِ لها صديقاً في المنطقة. والغالب أن الأمر نفسه سيحصل لها في سوريا ولبنان والعراق واليمن التي ذاقت شعوبها من النظام الإيراني الكثير. لعلها بشارات النهايات.